رأي حر

المسؤولية لا تنكر ذاتها، وإن أنكرها حاملها- بقلم عمر سعيد

المسؤولية لا تنكر ذاتها، وإن أنكرها حاملها.

يعتقد عون الذي يصر على اعتبار نفسه رئيسًا لولاية تعتبر أقبح مما يمكن القول فيها.
يعتقد ويصر في اعتقاده على أن الشعب لا يعرف، ولا يملك ذاكرة.

عون الذي أفرغ البلد من كل قيم السياسة والسيادة والقانون والديموقراطية، يظن أن اللبناني لا يملك الحق في تذكر أنه كمرشح رئاسة عطل البلد سنوات لأجل فرض نفسه على الجميع.

كما يتوهم أن اللبنانيين لا يذكرون أنه غطى حليفه حزب الله طوال فترة قتاله في سوريا تغطية كلفت البلدين ما لا يطاق، ولن ينتسى.

وهو يرى أن الإهانات التي كالها لشعب وصفه بالطز، وأن صراخه في وجه صحفيين، وطردهم، كلها حق مكتسب له، وعلى اللبنانيين عدم التأثر أو إظهار أي رد فعل.

وهو نفسه عون الذي نزل يتفقد المناطق المتضررة بعد الرابع من آب يوم قضى في انفجار مرفأ بيروت أكثر من مئتي وعشرين مواطنًا، نزل واضعا يديه في جيوب بنطاله، لا يبدي أي تأثر، وبدأ منذ ذلك الوقت العمل على تجاهل ما حصل والقفز فوق الدماء والجراح إلى تشكيل حكومات محاصصة، معتبرًا أن على اللبنانيين دفن حقهم في الحقيقة مع جثث الذين قضوا.

وهو نفسه الذي لم يبد أي استغراب أو انزعاج من تصريحات وزراء حكوماته ضد أشقاء لبنان من العرب، وترك الأمور تسير على اعتبار أن اللبناني ليس من حقه الخوف على أبنائه المغتربين.

وهو نفسه عون الذي صرح:
“اللي مش عاجبه البلد يهاجر”
ضاربًا عرض الحائط مشاعر مواطنين هم قبل أبيه في هذه الأرض.

وهو نفسه عون الذي لم يهتم لاحتجاجات دول شقيقة على تهريب المخدرات إلى أراضيها انطلاقًا من أرض جمهوريته.

ولم يستيقظ طوال مدة تحرك صهاريج النفط شرقاً وغربًا، على اعتبار أن اللبنانيين عميان.

وهو نفسه عون الذي سقط في عهده لقمان سليم اغتيالًا، دون أن يسأل القضاء عن ملف هذه الجريمة البشعة.
وانتحر عشرات من الشباب بسبب الأوضاع الاقتصادية التي أنجزها عهده وفريقه، وجاع العسكر، وتقطعت به السبل، وتوقف التعليم، وانعدم الدواء وعز الرغيف، وبلغ الدولار ثمان وعشرين ألفا، وغيرها وغيرها وغيرها، دون أن يحاول التلميح بالحد الأدنى من شعور تحمل المسؤولية عما آلت إليه الأمور.

لا بل ها هو يقرر الظهور على الشاشات، ليحكي، وماذا حكى؟!
حكى أنه غير مسؤول، وأنه ضحية!
لا. لا يا عون .. لا
فللناس ذاكرة تسجل، وعقول تحلل وتفكر، وآذان تسمع، وعيون ترى.
والكل عارف فاهم ذاكر راء سامع مسجل لكل ما حصل، وكل ما تعمدت أنت وحزبك وحلفاؤك.
وإن كان هذا الشعب لم يمتلك القدرة على اسكاتك واسقاطك بعد، فهذا لا يعني أنه ليس قادرًا على تحميلك المسؤولية وإن بتجاهلك، وتطنيشك، وإسقاطك من كل حساباته، ومن قيم الاحترام والتقدير التي تنبغي لمن يجلس على كرسي الرئاسة.

إن هذا الشعب وإن أرهقته الأولويات، لن ينسى أنه عرف نماذج سيئة للحكام على مستوى العالم، ولكنه لم يعرف نموذجًا أسوأ مما عرفته أنت عليه، في التهرب من مسؤولياتك التي عريت نفسك بها أمام العالم، فالمسؤولية لا تنكر ذاتها، وإن أنكرها حاملها كذبًا وزورًا.
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى