نظرت زوجتي أميرة إلي ضاحكة، وقالت: هل قرأت منشور أخيك عطا؟! فأجبتها: بالطّبع. كان عطا قد نشر عن محاولته صباحًا، أن يصنع جوًّا تفاؤليًّا، فيشرب القهوة مع صوت فيروز، ويجالس شروق الشّمس كالأثرياء؛ لكنّ قارورة الغاز الفارغة؛ أطاحت بكلّ أحلامه، فتذكّر أغنية حسن الأسمر: ” كتاب حياتي يا عين” قالت أميرة: لو أنّ عطا أتمّ تعليمه لوضعك في جيبه الصّغير. ...
أكمل القراءة »رأي حر
الرّجل الّذي قتل بندقيّته. بقلم عمر سعيد
قيل: “إنّ السّلاح لا يقتله إلا صاحبه” والمقصود هنا سلاح القضيّة، وليس سلاح الظّلم والاعتداء. سمعنا قصصًا كثيرة عن خيل ما تركت صاحبها. ولكم أدهشنا وفاء هاتشيكو. ذلك الكلب، الّذي ظلّ لعشر سنوات ينتظر صاحبه عند مدخل محطّة قطار شيبويا في اليابان، حتّى مات، وأقيم له تمثالٌ هناك، تخليدًا لوفائه. غير أنّنا ما سمعنا أبدًا عن سلاح ظلّ وفيًّا لصاحبه، ...
أكمل القراءة »أنا لن أنتحر بقلم عمر سعيد
أنا لن أنتحر، ولست متعجّلًا على بلوغ السّماء. سأجوع، لا بل لقد بدأت أجوع. غير أنّي لست مجرّد جسدٍ للمتع، والتّرف. سأظلّ لأسباب عظيمة، ولا شيء يضاهيها: سأظلّ لأجل اتصال أجريه مع ابني داني كلّ يوم. سأظلّ لأنّي أعرف أنّ ابني غدي وإن ظلّ عابسًا، يحبّني، ويشعر بالسّلام لوجودي فوق التّراب. سأظلّ لأجل أميرة زوجتي الّتي مهما تأزّمت علاقتنا، تعرف ...
أكمل القراءة »أبي في المطار / بلقم عمر سعيد
كبر أنفي في مراهقتي، وزاد حجمه. ما أتاح لأبي وزملاء المدرسة فرصة التّنمر عليّ. كنت في الصّف التّاسع، وقد ساءت علاقتي بأبي، فلا أطيق ما يريده، ولا يعجبه ما أريد. كنّا نتحلّق حول صحن زيت وزعتر، في صباح صيفيّ، وقد راح أبي يسأل إخوتي الصّغار عمّا يريدون أن يصبحوا، عندما يكبرون. تجاهلني، ولم يسلني، فردّدت بصوت خافت: “بدّي أعمل طيّار” ...
أكمل القراءة »الكتابة والنّاس / الروائي عمر سعيد
كأيّ كاتب بدأت مسيرتي الكتابية بموضوع إنشاء، قرأه معلّم العربيّة على مسمع الطّلاب في غرفة الصّف. وكأيّ كاتب ينتظر جبريله، وقفتُ عاريًا وحيدًا أعزل وسط أناس، أراحهم أنّ صاحبهم فاشل مجنون. فالعقل فيهم أن يخدم ساعداك أمعاءك. كنت نحيلًا ضعيفًا، أصغي وبشدة لأحاديث من حولي، تلك الّتي كانت تزدحم بأحلام الثّروة، والقصور، والجنس، والقوّة، والامتلاك. لذا كنتُ، ولازلت غريبًا، لكنّي ...
أكمل القراءة »التّوتة الجذع بقلم عمر سعيد
يوم سكنّا بيتنا الإسمنتيّ، قام أبي بزراعة شجرة توت برّي. سمعته مرّات عديدة يقول: “سنقوم بتهجينها بتوت شامي” طَعّمَ غصنين منها بنوعين من التّوت: أحدهما شامي والآخر بلدي. كبرتْ التّوتة، وتفرّعَ منها أكثر من غصن برّي جديد. وتأخّرتْ تباشيرُها في الغصنين المطعّمين، حتّى غلب عليها طابعها البرّي من جديد. شاخت التّوتة، وغلظ جذعها، ولعبنا خلفه الغميّضة لسنوات. يئس أبي من ...
أكمل القراءة »الصّوم على الأبواب / عمر سعيد
بعد أّيام يفتح الأحبّة المؤمنين من المسيحيّين بيوتهم وقلوبهم للصوم. وبعد شهر سيحل ضيفًا على المسلمين. سأصوم الصّومين. ليس لأجل الأجر والثّواب، ولا لأن السّماء قد تخصّص لي قصرًا فيها. فأنا وصدقًا أقول: لو عدتُ إلى تجربة الحياة، لأبدأها من جديد؛ سأختار حياتي نفسها، بكلّ ما خبرته فيها. سأختار أبي وأمّي، وأخوتي وأخواتي. سأختار بيتنا القديم، وكلّ طرقات الوعر والشّوك ...
أكمل القراءة »الثّوبان/ عمر سعيد
كلّ الأثواب الّتي في محلّ الألبسة الجديدة، استفقدت ذلك الثّوب الأسود الّذي سمعت المصمّم؛ يتحدّث عنه بكلّ فخر وتقدير، وبأنّه سيكون حديث أهل الموضة كافّة: كان صاحب عربة النّقل قد حمّل في صندوق عربته حمولتين لتاجرين متناقضين: تاجر ملابس جديدة، وتاجر ملابس مستعملة. أثناء تنزيل المستعملة، الّتي كانت صالة عرضها قبل صالة عرض الملابس الجديدة، تناول أحد العمّال عن غير ...
أكمل القراءة »الطّبيعة والنّصّ / عمر سعيد
كنت في الصّفّ الخامس، يوم ارتقيت طاولة المعلم، لأنشد قصيدة مخائيل نعيمة بيتي: سقف بيتي حديد ركن بيتي حجر فاعصفي يا رياح وانتحبْ يا شجر واسبحي يا غيوم واهطلي بالمطر … كان ذلك في سبعينيّات القرن الماضي. كانت بيوت قريتي لا تتجاوز خمسين بيتًا، وكانت عين الضّيعة سجّادة الّله في الأرض، نصلّي فوقها جميعًا نحن الصّغار، وأمهاتنا، وأخواتنا، وآباؤنا، وأجدادنا، ...
أكمل القراءة »النّصّ والمتوقّع / بقلم عمر سعيد
يعاني النّصّ من أزمتي توقّع: أزمة توقّعات الكاتب، وأزمة توقّعات القارىء. إذًا فالنّصّ في كلّ الأحوال متّهم. تمرّ أزمة توقّع القارىء عرضيّة، وتُحدث أزمة توقّع الكاتب جروحًا بالغة، وفي أقلّ حالاتها؛ تترك ندوبًا. عرفت كاتبًا قرّر معاقبة القرّاء بالتّوقّف عن الكتابة. أصدر كتابًا واحدًا، لم تأتِ توقّعاتُه على ما أراد، فصبّ غضبه على القرّاء. هو لم يكن يعاقب القرّاء، كان ...
أكمل القراءة »