رأي حر

في القوّات كلّنا فائزون

عمر سعيد

يختلف الاختيار في الانتخابات الحزبيّة كليًّا عن الاختيار في سواها.

إذ لا يخضع فيها لمعايير أو مقاييس الرّبح والخسارة النّفسية والعائلية والعاطفيّة والطّائفية كما في انتخابات المجالس البلديّة والنّيابيّة.

يعيش النّاخب في الانتخابات البلديّة والنّيابيّة مشاعر تجييش وكراهية؛ تجعل من تلك الانتخابات معركة وجوديّة مصيريّة.
إذ يشعر النّاخب فيها بالقلق، والغضب، ورغبة الانتقام، وإقصاء الآخرين.
وتشهد القرى والبلدات بعد نتائجها أحتفالات كيديّة للفائزين، يتخلّلها إطلاق نار وإهانات للخاسرين، كما تشهد أحياء الخاسرين انسحابات مهزومة من التّجمعات، وتعتيم كامل لمناطقهم. يتبعها فترة مقاطعة شبه تامّة بين النّاس تمتدّ لأسابيع.
فكأنّها انتخابات مصيريّة لخطّين بينهما صراع تاريخيّ .

في صباح ٢٩ تشرين أوّل ٢٠٢٣
استيقظت من نومي متأخّرًا، لأجد في هاتفي رسالة واتس أب باسمي الشّخصي، تدعوني للدّخول عبر رابط إلى موقع حزب القوّات اللّبنانيّة، والقيام بإنجاز واجبي وانتخاب الهيئة التّنفيذيّة.
ملأتني تلك الرّسالة بالأمل والحبّ والحياة، لأنها بدأت بعبارة:
الرّفيق عمر.
فحزبي يناديني باسمي، ويتعامل معي ككيان كامل حقيقي، ما يعني أنّي موجود على خارطة القضيّة.
وتساءلت عن مشاعري، لو أنّ الرّسالة وصلتني بعبارة
“عزيزي النّاخب”

كان بإمكاني الانتخاب أونلاين، إلّا أنّي كنت قد قرّرت التّوجّه إلى مركز خربة قنفار لأجل ذلك.

كان استقبال الرّفاق عذبًا مفرحًا، صنع يومي كوافد إلى مركز الاقتراع.
ناولتهم بطاقتي. مدوا إليّ بورقة حوت إرشادات، ثمّ توجّهت إلى خلف مكتب الاقتراع.
اتبعت التّعليمات، فأضاءت شاشة اللاب توب بصور الرّفاق المرشّحين وأسمائهم، تحت ملاحظات، حدّدت عدد المرشّحين المتوجّب انتخابهم لكلّ دائرة. ولفت انتباهي تثبيت اسمي فوق كلّ صفحة منها “عمر”

حضرني في تلك اللّحظة مشهد الانتخابات البلديّة والنّيايّة.
وتساءلت ضمنًا: هل علي أن أشعر بالتّوتر، وشدّ الأعصاب، والخشية من إشكالات قد تؤدّي إلى أطلاق نار أو مضاربات، فأرى جنودًا ودركًا يركضون ويصرخون، وتختفي بعدها صناديق اقتراع، ويقع جرحى وربّما قتلى؟! ..
ثمّ أقرأ في صحف اليوم التّالي خبرًا عن تزويرٍ في الانتخابات؟

أيقظني صوت رفيقة، وقفت على بعد خطوات: “بدّك شي مساعدة؟!”
عدت إلى ذاتي. تذكّرت أنّ لي ولدين، وأخوين وأربع أخوات. جميعهم أهلي وأسرتي.. وإن احتجت إلى إنجاز مهمّة ما؛ أعرف من أكلّف منهم بما أحتاج.
تنبّهت بذلك إلى أنّ الحزب عائلة وكافة الحزبيين أفرادها.
تغيب في الانتخابات الحزبيّة حالة التّنافس الحاد المتشنّج.
فالنّاخب يثق بمن بلغت طلبات ترشيحهم يوم الاقتراع، كما يثق بأنّ الفائز من الرّفاق ليس بأفضل ممّن لم يوفّقوا إلى ما تطوّعوا بترشّحهم لأجله، لا بل تكاد تكون المفاضلة شبه معدومة بين المتنافسين، فالفائز رفيق، وغير الفائز رفيق.
ففي الحزب ليس لدينا رابح وخاسر، بل لدينا رابح كلّفه الرّفاق النّاخبون بمهمّة، ورابح كان لا بدّ من ترشّحه، لنعيش جميعًا وقتًا ديموقراطيًا حقيقيًا، نكون بعده كلّنا رابحين.

وغدًا.. نعم غدًا.. وليس بعد غدٍ؛ سنكون جميعًا على أرض واحدة، وطريق واحدة، وهدف واحد، وحلم واحد؛ نعمل، نتكاتف، نهتف:
“صوب الحقّ وإنت الحقّ
يا لبـــــــــــــــــــــــــــنان”
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى