تحت المجهر

انتفاضة في عائلة الرئيس اللبناني ضد جبران باسيل

صراعات العائلة الحاكمة في لبنان خرجت إلى العلن وأسقطت كل الاعتبارات العائلية. وعلى الرغم من المحاولات المُكثّفة لاحتواء الخلاف داخل العائلة، إلا أنّ الاستحقاقات السياسيّة المتسارعة فرضت ظهوره سريعاً إلى العلن بأعنف وجوهه مع تغريدات ابنتي الرئيس ميشال عون، ميراي وكلودين، وصهره النائب شامل روكز، ولتكشف عمق صراع الأجنحة في صفوف التيار الوطني الحر والعائلة “العونية”، فيما بدا أنه “انتفاضة” داخل البيت الواحد ضد رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل.

حرب إلغاء على “الأصهرة”

مصدر معارض في التيار الوطني الحر يقول إن صراع الأجنحة داخل التيار بدأ منذ سنوات عدة وتحديداً مع ترؤس باسيل للتيار وسياسته الإقصائية ضد من يخالفه الرأي داخل التيار، وصولاً إلى حد اتخاذه قرار فصل ناشطين واكبوا مرحلة النضال العوني في مرحلة الوصاية السورية على لبنان. وأشار إلى أن حرب باسيل على روكز بدأت استباقاً عندما كان روكز قائداً لفوج المغاوير، فعرقل إمكانية وصوله إلى قيادة الجيش خلفاً للعماد جان قهوجي. ومن بعدها، أسقط ترشيحه لتولي وزارة الدفاع التي أوكلت إلى الياس بوصعب المقرب جداً من باسيل.

ويضيف المصدر أن باسيل حارب أيضاً عديله الثالث روي الهاشم، الذي يترأس مجلس إدارة قناة التيار، عبر الطلب من الياس بوصعب شراء أكثرية الأسهم للقناة وتحويل مسارها الإعلامي بما يخدم باسيل من جهة وأجندة حزب الله من جهة أخرى، كون بوصعب من الشخصيات المقربة من الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

ويؤكد أن باسيل شن حرب إلغاء حقيقية على أزواج بنات الرئيس عون بحيث خلت الساحة أمامه للإمساك بزمام السلطة تحت جناح الرئيس ووراثة مكتسباته التي بدأت بترؤس التيار والعمل على تحقيق الحلم المستقبلي بالرئاسة.

انتفاضة القصر

ويشدد على أن محاولات باسيل الاستئثار بكل المكتسبات التي يرثها عن الرئيس عون، أدى إلى تنامي النقمة العائلية في داخل القصر الرئاسي والبيت العوني في وقت كشفت الانتفاضة الشعبية التي عبرت المناطق والطوائف اللبنانية أيضاً عن نقمة الشارع العارمة على باسيل، والتي لاقتها إبنة عون وزوجة روكز، كلودين، بنشرها صورتين عبر حسابها في “انستغرام”. الأولى كتبت فيها مقتطفاً من كلمة الرئيس عون للمتظاهرين “صار من الضروري إعادة النظر بالواقع الحكومي”، والثانية كتبت فيها عبارة “الانتخابات المبكرة، أفضل لليوم ولبكرا”. كذلك الابنة الثانية للرئيس عون ميراي قالت في تغريدة “اللبنانيون يطرحون الثقة بحكومتهم في الشارع بعدما تقاعس نوابهم عن ذلك”.

والنائب شامل روكز من جهته غرّد في تويتر “لا تتجاهلوا أصل المشكلة: لا ثقة بمن في السلطة اليوم! فلترحل هذه الحكومة فوراً! محاولات الترقيع وانعاشها لن تنفع… نحتاج حكومة موثوقين إختصاصيين أخلاقيين”.

كواليس الإطلالة

مواقف أهل البيت المنتفضين بوجه صهرهم باسيل طرحت تساؤلات كبيرة حول مستقبل التيار، الذي باتت تتناتشه أجنحة متضاربة المواقف والمصالح على مرأى ومسمع الرئيس، الذي على ما يبدو بات عاجزاً عن ترميم التصدعات الهائلة. وما يزيد من واقع الصدمة هو انضمام روكز إلى صفوف المنتفضين في الشارع وحصوله على تأييد واسع من صفوف المعارضة العونية التي تحاول أن تنظم صفوفها في إطار سياسي حزبي.

في السياق، نفسه تساءلت أوساط سياسية لبنانية تتابع مجرى الانتفاضة في الشارع عن سبب تأخر الرئيس عون في توجيه كلمته إلى اللبنانيين لأكثر من ساعة ونصف، حيث تراوحت التفسيرات بين أسباب صحية، وعمليات المونتاج للرسالة وسوى ذلك. إلا أن معلومات أشارت إلى أن الرئيس كان محور اتصالات يقودها باسيل مع حزب الله للاتفاق على مضمون الرسالة من جهة، في حين أن ابنتيه كلودين وميراي، وعدداً من مستشاريه، كانوا على خط آخر مع الرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري وعدد من القادة الذين كان لديهم رأي آخر.

التيار “الباسيلي” ينكسر

وتؤكد الأوساط السياسية المقربة من ابنتي الرئيس كلودين وميراي، أن باسيل أسقط كل ما بناه الرئيس عون من جهد ونضال، مضيفة أن صورة القائد الذي كان يخطب بشعب لبنان العظيم لم تعد نفسها وها هو الرئيس قاطن خلف أسوار بيت الشعب المدجج بالعوائق والآليات العسكرية فيما شعب لبنان العظيم يطالب بإسقاط الرئيس.

وترى الأوساط نفسها أنه لم يعد من خيار أمام الرئيس عون للخروج بأقل أضرار ممكنة سوى التضحية بصهره وإبعاده عن قصر بعبدا، مشيرة إلى أن جناح التيار “الباسيلي” تكسر على وقع الانتفاضة الشعبية في وقت يبرز الالتفاف الشعبي إلى جانب روكز الذي قد يكون الورقة الرابحة الأخيرة في يد عون.

التيار يتفكك

من جانبه، رأى القيادي السابق المنشق عن التيار الوطني الحر نعيم عون أن “الركائز التي كانت مؤمنة لدى التيار زمن ميشال عون، غير موجودة لدى رئيس التيار اليوم جبران باسيل. فالحزب يتفكك، والحالة الشعبية إلى تراجع، والعلاقة مأزومة مع كلّ القوى الحليفة له”، مضيفاً أن “التيار اليوم بروباغندا وتأليه صورة جبران باسيل، وواجباتنا أن نُنبّه إلى وجود خطر وكذب وانحراف عن المبدأ”.

وأضافت مصادر أخرى في التيار بأنه منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية والتيار الوطني الحر يشهد حالة من الارتباك الشديد وهي ظاهرة بشكل واضح في صفوف كوادره، إضافة إلى مئات الاستقالات التي سجلت مؤخراً ومنها أعلن عنها أصحابها على مواقع التواصل الاجتماعي.

التيار: الأمور تحت السيطرة

في المقابل، تعتبر مصادر التيار المقربة من رئيسه جبران باسيل أن ما جرى تمت السيطرة عليه وأن قيادة التيار استوعبت الصدمة وهي تعالج ذيولها تدريجاً، مؤكدة أن وزير الدفاع الياس بوصعب كلف للتنسيق مع حزب الله وحركة أمل حول إيجاد حلول للأزمة وفتح الطرقات.

المصدر : أندبندنت

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى