رأي حر

الأشياء ليست كما تبدو/ بقلم لارا علي حسن


إذا أسدلنا واقعَنا اليوم بنظرةٍ شموليّةٍ، سنجِد الكثيرين مالكين، ولكن السُّؤال هُنا يطرَح نفسُه، ماذا يَملِكون؟

ربما ستستغربون، أنتم وأنا نعرف أنّ الإنسان تميّز بالعقل، وفي الحقيقةِ، لا يختلفُ إنسانٌ عن إنسانٍ آخر أي عقل عن عقلٍ آخر، إلّا إذا حاول صاحِبُ العقل نفسه أن يُفكّر بالأمر.
إنها مُعضِلَة شاقَة،
بِصيغَة أُخرَى جميعُنا نولَد، نقتات الأيام كي نكبُر، ثُمّ
نبدأ عملية البحث، نبحث عن المدرسة، الجامعة، الإختصاص، عن العمل، المنزل، الشريك، وندخل في دوّامة الحصول على المزيد، البحث اللامتناهي عن الشيئيات، دون توقّف،
لا بُد من البحث، لكننا في نهاية المطاف نجدُ أنّنا بحثنا عن كل شيء، أي شيء، باستثناء أنفسنا،
من هُنا الذي يحرّك الشراع، يختلف عمن تقوده الرياح.

دعونا ننطلقُ من الصّراع الأزلي الذي تحدّث عنه معظم الأدباء والمفكّرين، يتبارز الخير والشرّ على حلبة مُصارعة، منذ بدء التكوين،، ولا نتيجة حتمية للمُبارزة بينهما… إلا في حالة واحدة.. انتصار أحدهما على الآخر.
ما إن تدفق الخير في بقاع الأرض حتى عَرِف العالم سُبُل السّلام، ولكن المعادلة حادَة ومُجحِفة بحق البشرية إن خسر فتبتلع النيرانُ هذا العالم المتدفّق.
والجدير بالذّكر أنّ الشرّ أضحى بُقعة زيت، تتمدّد على رُقعة اسمها الأرض.
صحيح أنّ الفروقات متنوعة وضرورية،، لكنّ الشيء الوحيد الّذي تجتمع عليه البشرية اليوم هو “الشرّ”،
إن قُلنا تحوّل الكائن البشري إلى وحشٍ، يبدو الأمر مُضحِكًا، سخيفًا، الوحشُ يقتل فريسته ويكتفي عندما يشبع أما الكائن البشري يدخل في إبادة جماعية دون أن يرفّ له جفنٌ، يرتكب جريمةً حمقاء من أجل “فرنك” إضافي، يقضي على العالم إن أمكن وهو يجلس على كرسيّه الهزّاز ليحرّك الدّم في عروقه الجافة،
فالتّملّك غير الواعي، يدفع الإنسان إلى الهلاك، يتملك الأشخاص لا الأشياء فقط، فتصبح علاقاته الإنسانية سامّة، ويصير سجينًا للمحيط الضيّق، إن تلاشى ما يحيط به من أشياء، أشخاص، يختفي، وكأنه سحابة صيف، وإن استيقظ في يومٍ من الأيام، تفقد ممتلكاته ولم يجدها، سيغدو مثل جزع شجرة عارٍ، خسر كل شيء والتَوَى باحثًا عن ذاته بين أوراق الشجر ولم يعثر عليها قطّ..
أما التملك الواعي، فهو طبيعي، كأن يقتني الفرد سيارةً من أجل تيسير أعماله دون أن يفقد عقله إن تعطّل المحرّك ذات صباح ،،
“أن يمتلك الإنسان بقدر حاجته لا بقدر طمعه”
لكن هُنا المأزِق، لم يعُد الفرد مكتفٍ، بل صار مثل كومة قشّ أكلتها النيران، تطلب المزيد، ولم تدري بأنها أحرقت نفسها، حذارِ من الخواء الداخلي فإنّه يجرّ الإنسان نحو إثبات وجوده بأي شكل من الأشكال حتى وإن كلّفه الأمر أن يأكُل السمّ.
نزعة التملك جعلت من هذا الكون “علبة سردين” فأصبح الإنسان نوعًا من “المعلّبات”.
صار الإله هُنا المال والناس تعبده وتصلّي للمظاهر، صاروا عبيد دُنياهُم، لا يشبعون، لا يرتوون، ولا يشعرون، جمعٌ كاذِبٌ ولا حياة للعاقل بينهم سِوى بالتّمرّد، أو الموت البطيء…

في الحقيقة لا بُد من إعادة هيكلية الوعي الإنساني وتشكيل بنية جديدة للشخصية الإجتماعية، حسنًا راقبوا معي في طبيعة الحال يحتاج الفرد منا إلى المنزل، السيارة، الوظيفة ومبلغ من المال كي يقف على قدميه… ومن يقول عكس ذلك بعيدًا كُل البُعد عن المنطق، يسعى الإنسان جاهِدًا لاستحواذ احتياجاته كي يستمر،
ولا بُد من أن يغيّر شيء ما كي يضمن الإستمرار.

لا بأس، ربما تعرفون أنّ الخير والشرّ، خطان متوازيان، لكن كم سيكلّف الواحد منّا، فعل الخير، هل سأل أحدكم نفسه هذا السؤال يومًا؟
سيكلفه عالمًا أكثر جمالًا!
يا أبناء أمي “الأرض” استيقظوا! فالشرور تشكل خطرًا على مصيرنا كآدميين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى