اخبار العالم

هزم داعش فكريا وواجه ترهيب ميليشيات حزب الله.. رحيل عراقي شجاع

جيّر قلمه وفكره وخبرته في معركة القضاء على تنظيم داعش الإرهابي الذي سيطر عام 2014 على مناطق واسعة في العراق، قبل أن يرفع راية الدفاع عن الاحتجاجات الشعبية المناهضة للفساد وفوضى الميليشيات التي انطلقت مطلع أكتوبر 2019، لتطاله رصاصات الغدر قرب منزله في بغداد أمس الاثنين.. إنه الخبير في الجماعات المتشددة، هشام الهاشمي.

الهاشمي ساهم خلال مراحل الحرب ضد داعش في العراق وسوريا، بتفكيك هرميته، خصوصا من خلال معرفته الأكاديمية الموثوق بها محليا وعالميا، إضافة إلى أرشفته تاريخ الشخصيات والقيادات، التي تبوأت مناصب كبيرة داخل التنظيم، على غرار أبو بكر البغدادي، الزعيم السابق للتنظيم المتشدد.

وعمل الراحل في مكتب المصالحة الوطنية العراقية، وساهم في ملف مصالحة معقد بين الحكومة وبين جهات عشائرية، أصبحت فيما بعد من أهم المقاتلين لداعش في مناطق نفوذها، كما قدم الكثير من المحاضرات لضباط الأمن الوطني والمخابرات العراقيين، وهو معروف بأنه “بنك المعلومات” الذي يلجأ إليه المهتمون بالكتابة عن التنظيمات المتطرفة.

ويقول مصدر في جهاز المخابرات العراقي لموقع “الحرة” إن “أهمية الهاشمي الحقيقية كانت بمعرفته العميقة بأساليب التنظيم ودراسته لشخصياته القيادية، بالإضافة إلى فهمه لتكتيكات التنظيم الإعلامية وقدرته على فضح تناقضاته”.

وعمل الهاشمي، الذي ولد عام 1973، باحثا في مركز الرافدين للدراسات السياسية، وله عدة كتب منها “عالم داعش من النشأة إلى إعلان الخلافة” و”تنظيم داعش من الداخل” و “التطرف أسبابه وعلاجه”، مستفيدا من خبرته الأكاديمية، وهو الدكتور في الفقه الإسلامي.

وهو الضليع في تركيبات التنظيمات المتشددة وخصوصا داعش والمعروف بدماثته وحسن خلقه، كان يكتب أيضا لمراكز أبحاث مرموقة من “تشاتام هاوس” في لندن إلى “مركز السياسة الدولية” في واشنطن، وسعى خبراء حكوميون وصحفيون وباحثون للاستفادة من خبرته.

واقتبست عن الهاشمي كبريات الصحف ووسائل الإعلام العالمية، وكان حاضرا على الشاشات بشكل دائم، وهو الذي وصف، خلال مرحلة محاربة تنظيم الدولة، بأنه “طبيب تكتيكات داعش” إذ حياه الفنان العراقي أحمد فلاح برسمة تظهر دوره بـ”تحليل فكر التنظيم”.

ومع نجاح العراق في القضاء على داعش بدعم من التحالف الدولي، استمر الهاشمي في التحذير من مخاطر التنظيم، بالتوازي مع اتخاذه موقف داعم بشدة للانتفاضة الشعبية التي انطلقت في العراق مطلع أكتوبر الماضي للمطالبة بإصلاح شامل للنظام السياسي العراقي، والتنديد بموالاة الحكومة السابقة إلى المعسكر الإيراني.

وخلال موجة الاحتجاجات التي استمرت ستة أشهر، اغتيل عشرات الناشطين أمام منازلهم بأيدي مسلحين، غالبا ما كانوا يستقلون دراجات نارية، ولم تردع موجة الإرهاب هذه الهاشمي وآخرين في الاستمرار في إعلان انحيازهم لسيادة الدولة.

وكان الهاشمي من ضمن شخصيات إعلامية وسياسية عدة قد تلقت تهديدات، وحتى قبل بدء التظاهرات غير المسبوقة، هدّدت جماعات موالية لإيران على الإنترنت، الراحل و13 شخصية عراقية أخرى بالقتل، وذلك في سبتمبر 2019.

وفي حملة المضايقات الإلكترونية، هوجم الهاشمي واتّهم مع آخرين بأنهم “عملاء” و”خونة الوطن” و”مؤيّدون لإسرائيل والأميركيين”، وكشف صحفي عراقي، لموقع “الحرة”، أن الراحل كان قد أبلغه قبل أيام من اغتياله أن المسؤول الأمني لميليشيا كتائب حزب الله، أبو علي العسكري، دأب على تهديده، وقد قال له حرفيا في آخر رسالة تهديد عبر الهاتف “سوف أقتلك في منزلك”.

وآخر دراسة للهاشمي نشرها مركز صنع السياسيات للدراسات الدولية والاستراتيجية في 1 يوليو 2020 أي قبل نحو 5 أيام على اغتياله، حملت عنوان “الخلاف الداخلي في هيشة الحشد الشعبي”، تناول فيها بالتفصيل الانقسام العميق في الحشد.

وحسب الدراسة، فإن المواجهة داخل الحشد الشعبي تمثل خلافا عميقا بين تيارين منقسمين فقهيا، الأول كان يقوده أومهدي المهندس وهو مرتبط فقهيا بالمرشد الإيراني، علي خامنئي، في حين يرجع التيار الثاني، و”هو مكون من مجمل الفصائل المرتبطة بالعتبات في العراق، إلى المرجع الأعلى في النجف” علي السيستاني.

وعقب اغتياله، قال حارث حسن، مستشار رئيس الوزراء، في تغريدة على تويتر، إنّ “الجبناء اغتالوا صديقي وأحد المحلّلين اللامعين في العراق هشام الهاشمي، أنا في صدمة”، بينما عزّى رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، بـ”استشهاد الخبير الاستراتيجي (…) الذي اغتيل على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون”.

عملية اغتيال الهاشمي تزامنت مع تصاعد التوتر بين حكومة الكاظمي الجديدة والفصائل المسلحة والأحزاب السياسية المدعومة من إيران، حيث يرفع الأول شعار حصر السلاح بيد الدولة، وهو ما تعتبره الميليشيات محاولة لتقويض نفوذها وبالتالي نفوذ طهران.

ويتعرض الكاظمي لضغوط متزايدة من الفصائل الموالية لإيران منذ توليه منصبه في مايو الماضي، وأغضبت مداهمة استهدفت مقرا لكتائب حزب الله الذي تدعمه إيران الشهر الماضي، قوات الحشد الشعبي التي ضغطت على الحكومة للإفراج عن المعتقلين.

الحرة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى