تحت المجهر

مذنب أنت يا لقمان (بقلم عمر سعيد)

“أحبتي لا تنسوني”

كانت هذه أقسى العبارات التي أغضبتني في تسجيل صوتي، وصلني بصوت المغدور به لقمان سليم..
والذي أصغى إلى التسجيل، يعرف أن لقمان كان يشتم رائحة الطلقة القادمة صوبه من بعيد، وإن كانت قادمة من خلف رأسه..

مذنب أنت يا لقمان..
وذنبك أنك إنسان, آمن بأن من يرتدي الوطن، لن تنال منه حرائق ا

لصباح..

مذنب أنت يا لقمان..
وذنبك أنك محب، لا يتقن التلويح بإصبع، تهدد..

مذنب أنت يا لقمان..
وأجمل ذنوبك أن قد رفضت أن تموت في غير أرض الجنوب..

مذنب أنت يا لقمان..
وأفصح ذنوبك أن صوتك يفصح عما في حناجر الموجوعين، وأنك على الرغم من تخرجك من السربون ظلت راؤك راءً، ولم تلفظها غاءً حتى قتلتك.

مذنب أنت يا لقمان..
وذنبك أنك تشبه بائع الكعك الطرابلسي، كما تشبه كل الذين سقطوا عند حدود المرفأ والكلمة.

مذنب أنت يا لقمان
وأقدس ذنوبك أنك أحببت طرابلس، كما أحببت بنت جبيل والخيام..

مذنب أنت يا لقمان..
وكل ذنوبك أنك رفضت الصلاة صلاة عبيد، ولم تتوضأ لغير الوطن.

مذنب أنت يا لقمان..
ومثلك ذنبه لا يغتفر، إلا برصاصتين وكاتم صوت، يرديك، ثم يردي الوطن.

مذنب أنت يا لقمان
وذنبك أنك قد كفرت بكل طواغيت الوطن، وظللت تكفر بهم، إلى أن غدوت أنت الوطن.

مذنب أنت يا لقمان..
وكل ذنبك أنك أحببتنا نحن الذين صنعنا غيلان هذا الوطن..

مذنب أنت، وأنقى ذنوبك أنك رفضت أن يلف نعشك بغير راية الوطن.
وأن قد نصعت بدمك المهدور ظلماً، حمرة الدم في كل جراحات الوطن.
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى