تحت المجهر

جرمٌ في السياسة…ام في القانون بقلم (ألين حكيّم)

يوم ١٨ آب ٢٠٢٠، اللبنانيون امام شاشات التلفزة ينتظرون حكم ١٤ شباط ٢٠٠٥.
بعد الحكم، ردات فعل على مساحة وطن حاضن للتناقضات حتى بالمسلمات؛ من جهة اصوات مغرورقة خافتة في حناجر قلقة الا من توقعات عالية التوجه طامحة لحكم بحجم التفجير لقلب معادلة. من جهة اخرى رصاص وزغاريد وابتهاج بقرار لاهاي لتصويره خفيفا ليضاف خجولا على لائحة انتصارات لا يبجلها الا مُعددها…
بعيدا عن كل الصخب العاطفي بين الاحباط والبهجة، يعلو صوت العقل بين صفحات التحقيقات في حكم يظهر جليا تاريخيته لارتباطه بالعدالة وبالفاعل الحقيقي بعيدا عن العبء المعنوي للاتهام السياسي للفاعل المعنوي.
هذا الحكم علمي قانوني، استطاع صياغة قريبة لحبكة الجريمةبصورة كاملة: التخطيط والتحضير، التتفيذ والعلاقة بالادلة بعد التنفيذ مع مراعاة مفاصل البحث وجمع الادلة وتقاطع المعلومات.
اهمية الحكم تحملنا للتوقف عند ثقله القانوني بعيدا عن الفزلكة السياسية. في الحكم واقعة قانونية قاطعة للشك هي ارهاب المرتكب الفعلي المنتمي لحزب الله.
وهنا لا بد من الاشارة، الى ان نظام المحكمة لا يسمح لها سوى بمحاكمة الاشخاص الطبيعيين فقط دون الاشخاص المعنويين ولكن ذلك لم يمنع المحكمة من التطرق لسرد الحيز السياسي لتلك المرحلة وهنا لا بد من التوقف عند بعض التعابير الواردة عند تلاوة الحكم:
– “لا يمكن لغرفة الدرجة الأولى في المحكمة أن تقتنع أن بدر الدين كان العقل المدبر للاعتداء كما يُزعم.”
-التطرق للعلاقة بين الرئيس الحريري والسيد نصرالله وردت على سبيل توصيف العلاقة الحقيقية التي سبقت التحول السياسي.
– “الحريري ابلغ المعلّم ان لبنان لا يمكن ان يحكم من سوريا وقال له 《تلاترباعي صار بالمعارضة 》، ونحن مقتنعون ان القرار النهائي لاغتيال الحريري لم يتخذ الا قبل اسبوعين من العملية.”
واهمية هذا الحكم لا تقف عند منطوقه بل تتعداه للمفاعيل وللتنفيذ :”هل سيسلم حزب الله المجرم سليم عياش؟”.
واستطرادا التوصيف القانوني للفعل هو الارهاب مما يعكس قناعة لدى المحكمة مثبتة بدليل قاطع للشك (بالمفهوم الانكلوساكسوني) ان عناصر من حزب الله هم من اغتالوا الرئيس رفيق الحريري ورفاقه.
اضافة الى ذلك، هذه المحكمة سابقة في القانون الدولي لجهة الاسبقية للحكم في جريمة ارهابية.
وهذا الحكم القانوني لا يمكن الا ان يتقاطع مع الاتهام السياسي، بالتالي الحكم القانوني اثبت الادانة القانونية والسياسية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى