تحت المجهر

إشارات لأحداث متوقعة (بقلم ع. يعرب صخر)

 

نومي إلينا اليوم أن إسرائيل ستبدأ التنقيب عن الغاز في المناطق المتنازع عليها مع لبنان. لن أخوض في الحدود البحرية والمنطقة الإقتصادية الخالصة للدولتين والأسباب المؤدية إلى التنازع في أحقية كل طرف، فهذا شأن تقني نتركه لأهل الإختصاص ولتحكيم الأمم المتحدة في هكذا حالات.
إنما ما نلفت إليه النظر هو خلفية المقصد الإسرائيلي في هذا الوقت بالذات؛ إذ تعودنا أن الحروب تكون بالغالب مخرجا” عند استعصاء الحلول لإعادة خلط الأوراق وفرض واقع جديد يهيء لمخارج حلول. كذلك عودتنا إسرائيل على طرح الذرائع لحزب الله للهروب من أزماته إلى طريق الحروب، والدليل ٢٠٠٦ التي قيضت له أن يتخلص من طاولة الحوار حول سلاحه وينعتق من كوابيس التحقيق الدولي حول جريمة إغتيال الشهيد رفيق الحريري ورجال ثورة الأرز ثم المحكمة الدولية بعدها بأشهر. خلال ذلك خرج حزب الله من حرب تموز ٢٠٠٦ ليحول وجهه نحو الداخل وينقض على الحكومة بذرائع نتذكرها ويطور انقضاضه في ٧ أيار بعدها، ويبدأ رحلة القضم للدولة ويصادر قرارها شيئا” فشيئا”. والخلاصة أن حرب تموز لم تؤثر لا على إسرائيل ولا على هؤلاء، إنما الأثر كان ضخما” على الشعب اللبناني والدولة بسلطاتها ومؤسساتها وبناها التحتية. ما رأينا في هذه الأحداث إلا خدمة” عظمى من العدو المدعى إلى الميليشيا المدعية للمقاومة، لتسلك طريق القضاء على الدولة ورهن أمرها لأوليائها. وبات العدو يعيش أزهى أيامه وهذا الحزب حرس حدود لها!! كلاهما استمكنا بأسباب القوة ومعهما لبنان حجة المتنازعين ينحدر وينهار ويبدأ بالتفكك. هذا هو الواقع يطرح نفسه أمامنا ويدلل على ما نقول، كي لا نتهم بالمغالاة.

ما استعرضناه أعلاه، قصدنا منه تركيز الأنظار على مشهدية تكرر نفسها الآن. إذ منذ إنهاء الإتفاق النووي JCPA
Joint Comprehensive Plan of Action يعيش حزب الله ضائقة متدرجة بسبب العقوبات الدولية المتصاعدةعلى إيران مصدر قوته، وتراجع النفوذ في العراق وسوريا، وصولا” إلى الضربات المتكررة على كل شراذم إيران أينما كان في هذه الساحات، تتويجا” باغتيال سليماني، وانتهاء” بقانون “قيصر” المولود الحديث…وكلها إجراءات متصلة لا شك أنها ضيقت الخناق إلى حد الاختناق.
في هذه اللحظة تبرز إسرائيل بنية إقدامها وربما شروعها التنقيب على الغاز في المناطق المتنازع عليها مع لبنان، لتقدم ذريعة وحبل نجاة لحزبللا ليتحرر من كل مقيداته المكبلة وضائقته الحادة، كي يصعد صاحب الإطلالات فوق الأرض فرحا” مهتاجا” ليفقعنا خطابات الصخب والضجيج ويحوز مادة دسمة لتبرير إطلالاته وتصعيد خطاباته ليسخف كل معاناة اللبنانيين ويهمد ثورتهم…. هكذا بظنه القفز فوق كل شيء.

التساؤل:

هل ما استجد هو فعلا” ذريعة لصرف الأنظار عن مسبب أزمات ومعاناة اللبنانيين وأخذنا جميعا” نحو نزاع مستجد؟ ومعه تعويم جديد ووعد آخر بانتصارات إلهية تنسيكم رغيف الخبز؟

أم أنه آخر حلقة في سلسلة تضييق الخناق لقطع الأنفاس؟ وهل هو جر هذه القوى العابرة للدولة إلى الفخ وكمين محكم لإيقاعها فيه وضربها؟

هل نشهد التغيير في قواعد الاشتباك، وخلطا” لخرائط الجغرافيا والجغرافيا السياسية، وتقلب موازين القوى الإقليمية لإعادة تنظيم الجيواستراتيجيا الدولية؟

مع هذه التساؤلات وغيرها، لا بد من التهيؤ لكل احتمالات وحفلات الخداع، والتوقف ببعد نظر خلف مقاصد إشارات يومية قد تودي إلى أحداث يعد لها بخبث.
مع ملاحظة أخيرة أن كل شيء قد يضعف في العالم إلا تجارة السلاح، السلاح وجد ليستعمل وإلا تحول إلى خردة” وعبء  على أصحابه!!!

28 Jun 2020
General Rt Sakher

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى