تحت المجهر

” شيعة.. شيعة ” (بقلم عمر سعيد)

” شيعة.. شيعة ”
شعار أعادني أكثر من خمسين سنة إلى الوراء..
إلى أيام الطفولة، يوم كان يستنجد الصغير منا إذا ما داهمه الخوف بأخوته الكبار وأبناء عمومته، لتنشب حروب العائلات التي كانت تستمر لساعات متاخرة من الليل بالصراخ والشتائم من سفح تلة إلى اخرى.

عشرات من ذوي القمصان السود تجمعوا في نزلة المالية تحت جسر الرينغ، يعبرون عن لبنان الذي يريدونه بشعار تفوح منه روائح الاستفزاز والكراهية، والرغبة بالظلم والتعدي على اهلهم واخوتهم، حملة العلم اللبناني الناصع الإنتماء.

” شيعة.. شعية ”
شعار طائفي ألغى شعار ” يا قدس إننا قادمون ” بعد أن عاشت عليه الممانعة عقوداً.

هكذا وقف العوام من جمهور الممانعة، يهولون بعصيهم، ويهتفون :
” شيعة.. شيعة ”

وقد أداروا ظهورهم لفلسطين، يقابلون إخوتهم في الوطن والدم والمصائب بشتائم الإهانة والتحقير والتخوين والتهديد بالقتل ..

حفنة من فقراء الشيعة الجائعين كغيرهم من اللبنانيين، وقد بدأت الأزمة الاقتصادية تنال منهم قبل سواهم ..

لكنه الفقر والجهل يزين لصحابه أخطاءه وأفعاله وأقواله، فيحسب نفسه حكيماً فيهماً.

وليست مشكلة هؤلاء المثيرين للشفقة في ما يهتفون به فقط ..
بل إن مشكلتهم الأعمق في قيادتهم التي تعمل على الغوص فيهم صوب أعماق الجهل والتهميش، وتتعمد دفنهم في قعر سلوك أقل ما يقال فيه أنه مهين لإنسانيتهم، معزز لكراهيتهم وحقدهم وفوضاهم، ولا مسؤوليتهم، فتنزع القيادة عنهم كل ملامح المواطنة والإنسان.

جمهور يعيش الواحد منه تحت سيل من المخالفات والحماقات والجرائم التي تكبله، فيسقط أسير قيادته التي تضلله وتستغله وتجهله، وتخوفه من أخوته في الوطن، وتحوله إلى وحش، تهدده دعوة اخوته العزل إلى مكافحة الفساد وبناء الدولة.

هذا ما أنتجته الثنائية الشيعية بعد خمسين عاماً من النضال لأجل اتباعها.
شعار يسيىء إلى طائفة قدمت لأجل الوطن ما قدمته من مفكرين ومبدعين وحداثيين ووطنيين.
فاختصرت المشهد اليوم بينها وبين اللبنانيين ب: آلاف من الساعين إلى الدولة والمستقبل والحلم، يعجزون عن مواجهة عشرات من الثابتين على الهمجية والبربرية والاستهتار بأنفسهم وأبنائهم، ليس خشية منهم، بل حرصاً على الأمل.

لكنه الوطن فينا نحن اللبنانيين، يصر على الولادة، على النهوض، على السير، على تجاوز ضعف وإساءة أولئك العشرات، الذين يعدهم أخوانهم اللبنانيون من الرافضين لهذا الواقع الفاسد بأجمل وأفضل بكثير مما قدمت لهم ثنائية طائفية تسعر بهم نار استبقائها في السلطة، وهي زائلة وسلاحها مدان.

عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى