رأي حر

قراءة في عالشام بخطوة/ بقلم عمر سعيد

قراءة في عالشام بخطوة

ديوان شعري لديمة عماد الدين عبدالحق

كثيرون هم الذين يعتقدون أن العامية كلمة حكي، وسوالف.
غير أن الذي يقرأ عالشام بخطوة
وهو ديوان شعري بالعامية للشاعرة الدمشقية ديمة عماد الدين عبدالحق، يخلص إلى أن الكلمة مجرد أداة، والجمال هو كيمياء ذلك الخيال الذي سرّح كلماته كيف وحيث شاء.
عالشام بخطوة ليس مجرد ديوان، هو محاولات ديمة المستحيلة لبناء ما تهدم، لقول ما يصعب قوله وفهمه وتخيله.
تتقلب ديمة بين الأنوثة والطفولة والإنسانية والذاكرة والحنين، تتقافز مثل عصفور فوق أغصان تينة عارية صباح يوم شتوي في بساتين الزبداني، برشاقة لا يدانيها إلا الشعر، تخلف على لحاءات تلك الأغصان نقوشًا موجعة، تهز القارىء، تغمسه بالحنين، ثم تنشره على حبال الدمع المسكوب موسيقا، تتلوى على خصور كلمات عامية تطوعها ديمة، كما يفعل حائك القصب، فعلى قدر ما يسيل من كفيه دم، على قدر ما تأتي منجزاته أنيقة مريحة.

خطين عم يمشوا

ع حبّهم فاقوا

شو بيشبهوا بعضن

بس صعب يتلاقوا

شو بيشبهوا أيلول

بيكتب على وراقوا

إنو الزمن مشغول

بتفريق عشاقو

صور حلوة، وإشارات أحلى، وخيال لا يتماسك فينا إلا إذا سال دمعًا ودمًا.
تطوع ديمة الكلمة العامية بحرفية تجعلها نصًّا متماسكًا، مشبعًا بما يشعل المتلقي بالحب والإيقاع والخيال.
فالقصيدة عندها تتحكم بالقارىء من خلال توظيفاتها لمفردات كانت قد نأت عنا لقلة استخدامها في حياتنا اليومية.
كما تحفر وعميقًا في الذاكرة لتخلص إلى صور تقطفها من سولكيات وتفاصيل، لا تلتقطها إلا عين مبدع يعي أين البداية وأين النهاية.
عالشام بخطوة عمل شعري عامي ينافس بمحتواه، ويتجاوز كثيرًا من التوقعات إلى مدى أرحب بين أيدي قراء يدركون مذاق اللون والصوت لحظة إذابتهما معًا في حركة إيقاعية تسكننا صورة ومشهدًا لا يتلاشى.

عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى