لبنان

الرقص فوق رؤوس الأفاعي (بقلم عمر سعيد)

لا أعتقد أن أحدا يحسد حسان دياب على إتيانه بالدب إلى كرمه .
وهو اليوم مجبر وبكل ما يمكه تحتمله من إكراه على الرقص فوق رؤوس الأفاعي ..
وعليه أن يحسب خطواته عشرات المرات قبل أن يخطوها ، وفي الوقت نفسه عليه أن يحسب الوقت والمسافة بين كل رفعة قدم ونزلتها ، وهو أعلمنا جميعاً بأن الوقت أخطر الأفاعي التي تتربص بقدميه ، الأمر الذي لن يتيح له أن يدعس دعسة ناقصة ، أو دعسة خطأ ، ليس لأن تكلفة ذلك كبيرة عليه وحده فقط ، بل على البلد بأكمله.
حسان دياب اليوم حاله كحال لاعب سيرك عليه قطع مسافة فوق حبل معلق في الهواء ، ومن تحته النيران تشتعل ، ولا شيء يدعم توازنه إلى كيفية إمساكه بالبلد ..
كما يُمنعُ عليه السقوط مهما اهتز الحبل من تحته ، لأن أقل زلة قدم ستكلفه الكثير الكثير .
والأفاعي من حول دياب كثيرة ، وكلها أفاع سامة ، تنتظره على سقطة.

كذلك على حسان دياب أن يقرأ جيداً وجيداً جداً خطابات أطراف السلطة من حوله ، ليعرف متى ينتقل من رأس أفعى إلى آخر ..
خاصة خطابات السيد حسن ، والأخيرة منها ..
فالسيد حسن يطالب بخطابه الأخير مقاطعة البضائع الأمريكية ، إذا هو يسعى لجعل لبنان كوبا..
فهل سيحاول حسان دياب أن يلعب دور فيديل كاستروا؟!
علماً أن كاستروا الذي صمد قرابة نصف قرن أمام حصار أمريكا له ، أضطر إلى استبدال نفسه بأخيه ، رحمة بكوبا والكوبيين…
وعلى حسان دياب أن يتنبه إلى مسألة أن من أتوا به إنما أتو به لشدة عجزهم وضعفهم.
وأضعف أطراف البلد اليوم هو حزب الله ، ولندع سلاحه جانباً ، إذ لا قيمة للسلاح في مثل هذه الظروف التي يمر بها لبنان.
نعم حزب الله هو أضعف الأطراف اليوم ، لأن مشكلة هذا الحزب في إيران ، وليست في لبنان ، وهو لا يملك حلاً لها حيث هي..
وما مجيء لارنجاني إلى لبنان ، وتبجحه برغبة تقديم المساعدة كالدواء أوغيره ، إلا واحدة من زيارات الإدعاء بغية اقتناص فرصة مفضوحة..
فلارنجاني يبحث عن مبرر زيارته إلى لبنان والذي سيبدو أنه قد عرض المساعدة ، غير أن اللبنانيين قد رفضوها خوفاً من الأمريكيين .
مع العلم أن لارنجاني يدرك جيداً أن الجميع يعرف أنه لا يملك ما يقدمه.
لذلك على حسان دياب الاستفادة من كل ذلك ، وأن يعي انه الطرف الأقوى في السلطة في هذه الفترة والظروف ، فالكل يختبىء خلفه ، بدءاً من عون وعهده ، إلى الثنائي الشيعي ، وكل الفاسدين في البلد .
فحسان ذياب هو أقل من تهدده مفاعيل الفساد .
وأفضل أدوات اللعب المتاحة لحسان دياب اليوم هي الفرض ، والفرض بقوة ، ولن يجرأ أي من الذين يقفون خلفه على رفض إجراءاته ، لأنهم يعرفون أن في سقوط دياب نهايتهم جميعاً ..
وأصلب الأساليب التي قد تمكن دياب من الفرض بقوة هو الاعتكاف ، والتلويح من وقت لآخر بالاستقالة ، شرط ألا يكون الاعتكاف مفتعلاً ، لئلا يخسر دياب كل فرص المناورة دفعة واحدة .
فهل سيستفيد دياب من الفرص شبه المحدودة والنادرة أمامه لإنجاز إصلاحات ، تمكنه من العبور بالبلد فوق حبل السيرك دون السقوط في النار؟!
لندع الأسابيع القادمة تتكفل بالإفصاح عن إمكانيات هذا الرجل .
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى