تحت المجهر

“حزب الله” يغرز مخالبه في أميركا اللاتينية

كتب دانيال فيليبي رويز روزو، الباحث الكولومبي في الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية والمتخصص في بحوث مكافحة الإرهاب في موقع مؤسسة “رايز تو بيس” (Rise to Peace): “لا يقتصر نشاط “حزب الله” ونفوذه على الشرق الأوسط فحسب، بل رصد وجود عناصره وأنشطته في مناطق عدة في جميع أنحاء أميركا اللاتينية، في ظل الاحتمالات باستمرار انتشار عناصره في المنطقة الجنوبية من أميركا الجنوبية (…) وقد شارك الحزب منذ تأسيسه عام 1982، بعدة هجمات في منطقة الشرق الأوسط. كما وجهت أصابع الاتهام لمقاتليه في قضايا تنفيذ عدد من التفجيرات بالشاحنات المفخخة (…) ويشكل الشرق الأوسط منطقة نفوذ “حزب الله” الجغرافية الرئيسية. وعلاوة على ذلك، يشارك الحزب في الحكومة اللبنانية منذ عام 1992، كما انخرط في الحرب الأهلية السورية من خلال استخدام المسلحين من أجل دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وهو يحظى بدعم إيران بمواجهة الغرب وإسرائيل.

نبذة عن وجود الحزب في أميركا اللاتينية

وترجع جذور وجود “حزب الله” في أميركا اللاتينية إلى تاريخ تأسيس الحزب نفسه، حيث شكل تدفق المهاجرين اللبنانيين الذين وصلوا إلى منطقة “الحدود الثلاثية” التي ربطت الأرجنتين والبرازيل والباراغواي خلال الستينيات والسبعينيات، العامل الأساسي في إنشاء خلايا الحزب. كما أتاح الشتات العابر للأجيال والمناطق والذي سهل التجارة للمهاجرين اللبنانيين، تسلّل مقاتلي “حزب الله” إلى شبه القارة الهندية حيث باشروا بأنشطتهم. وبعد التأسيس الرسمي لـ “حزب الله”، تعاونت خلايا أميركية لاتينية مع عناصر إيرانية لارتكاب هجمات إرهابية داخل الأرجنتين.

فنزويلا… الملاذ الآمن لنشاطات الحزب

وبمجرد أن تأكد الحزب من ترسيخ وجوده في “المنطقة الثلاثية”، وجد آمناً ممارسة أنشطته غير المشروعة. كما استفاد من تولي هوغو تشافيز السلطة في فنزويلا عام 1999، فتوطدت العلاقة بين النظام والحزب، مما سمح لهذا الأخير ببناء شبكة واسعة للقيام بأنشطة غير مشروعة، مثل الاتجار بالمخدرات وغسيل الأموال والتهريب. وأنشأ “حزب الله” في الواقع، هيكلاً يعمل بشكل غير مشروع في فنزويلا من خلال عشائر عائلية مجزأة، على غرار عائلات ناصر الدين وصالح ورضا، والتي اندمجت في الاقتصاد غير المشروع الذي يسيطر عليه النظام وجهاز النظام السياسي والبيروقراطية. كما بسط “حزب الله” سيطرته على مناطق مثل جزيرة مارغريتا، حيث يعمل بحرية والتي تؤكد أن حضوره في المنطقة ليس بجديد. أما الميزة التي يتمتع بها “حزب الله” في الأماكن حيث تعتبر الحكومة حليفاً وثيقاً له فهي إمكانية تلقيه مليارات الدولارات سنوياً، بشكل أساسي من تهريب المخدرات والأسلحة. ومع ذلك، يبقى مصدر الدخل الرئيسي في التمويل الذي يتلقاه “حزب الله” من إيران، وهي بدورها حليف استراتيجي وثيق لفنزويلا.

“حزب الله” في دول أميركا اللاتينية الأخرى

لدى “حزب الله” وجود قوي في الدول التي تشكل منطقة الحدود الثلاثية. وقد رُصدت أنشطة مثل التقليد والاتجار بالمخدرات في الأرجنتين والبرازيل والباراغواي. وقد وجدت السلطات في هذه المنطقة أن الحزب تلقى من أحد عناصره وهو صبحي محمود فياض، زهاء 50 مليون دولار منذ عام 1995. كما رصدت أنشطة “حزب الله” ووجوده في كولومبيا حيث كشفت خدمات الاستخبارات الكولومبية عن مؤسسات ومنصات تجارية تعمل كمراكز لغسيل الأموال.علاوة على ذلك، حددت شبكات التزوير في مناطق قرطاجنة وبارانكويلا ومايكاو. كما يتعاون “حزب الله” والقوات المسلحة الثورية الكولومبية (الفارك) في أنشطة مثل تهريب المخدرات، التي تشكل مصدر التمويل الأكثر ربحية للجماعتين. وتخصصت “الفارك” في إنتاج وتهريب الكوكايين، فيما تخصص “حزب الله” في غسيل الأموال، مما خلق صلة بين الجريمة والإرهاب.

أخيرًا، يسعى “حزب الله” لترسيخ وجوده في منطقة تعرف باسم منطقة الحدود الثلاثية الجديدة، والتي تمتد من شمال التشيلي (أريكا وإيكيكي) وجنوب البيرو (تاكنا وبونو) وبوليفيا (السفارة الإيرانية في لاباز). كما يعمل الحزب على الاستفادة من موانئه في التشيلي وتدريب الشباب واستقطابهم للانضمام إليه. وبالتوازي، يسعى لزيادة وجوده في بوليفيا، من خلال استثمار علاقاته الديبلوماسية السيئة مع الولايات المتحدة. كما يركز أخيراً في بيرو، على الاستفادة من إنتاج الكوكايين، مما يرسخ مجدداً العلاقة بين الجريمة والإرهاب.

ما الذي يجب فعله؟

يوضح وجود “حزب الله” في أميركا اللاتينية إلى أي درجة تشكل العلاقة بين الجريمة والإرهاب في المنطقة تهديداً أمنياً خطيراً. لقد سمحت عوامل مثل قلة سيطرة الدولة على المناطق الحدودية والطرق الاستراتيجية لتهريب الأسلحة والمخدرات وغسيل الأموال والدعم المقدم من أنظمة الدول، مثل إيران وفنزويلا، لـ “حزب الله” بالتحوّل إلى منظمة ثرية مع وجود كبير في أميركا اللاتينية. ومن أجل الحد من قوة ونفوذ الحزب في المنطقة، لجأت الولايات المتحدة لفرض عقوبات مالية ضد التنظيم. ومع ذلك، لا تكفي العقوبات للحد من أنشطته أو من دخله. وبالتالي، من الضروري تحسين التعاون بين دول أميركا اللاتينية ووضع أدوات قانونية أكثر فاعلية حيز التنفيذ للحد من غسيل الأموال وفرملة تمويل الإرهاب وزيادة الأمن في “منطقة الحدود الثلاثية” ومواصلة الجهود لقطع ذراع حزب الله في أميركا اللاتينية”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى