تحت المجهر

أين الفيول: مسؤول عراقي يفضح غجر وفساد المحاصصة

بات واضحًا حجم المماطلة التي تقوم بها وزارة الطاقة، لجهة عدم رغبتها بإجراء المناقصة التي تحدد بموجبها الشركات التي ستقوم باستبدال النفط الأسود العراقي، بعد نحو ثلاثة أسابيع من توقيع الاتفاقية مع العراق بشكل رسمي، وبعد نحو ستة أشهر على إعلان نية الحصول على النفط من العراق.
يصرّ وزير الطاقة ريمون غجر على أنه يسلك المسار الصحيح لإتمام مفاعيل العقد. ويعيد سبب التأخير إلى نية إتمام المشروع “على أكمل وجه”. وحين مواجهة “المدن” للوزير بمعلومات عراقية تؤكّد المماطلة، نفى مكتبه الإعلامي متذرّعًا بأن “هكذا أنواع من الاتفاقات التي يعمل عليها بشفافية مطلقة تأخذ حوالى الشهر من الوقت لإنجاز كل مراحلها التقنية”.

تسجيل صوتي

بموازاة التأكيد العراقي، انتشر تسجيل صوتي حصلت عليه “المدن”، يؤكد المماطلة، ويطرح علامات استفهام حول سبب عدم الاعلان عن المناقصة حتى الآن. وفي التسجيل، يستغرب المتحدّث الذي يعرّف عن نفسه بأن “يمثّل موقع رسمي في العراق”، عدم إطلاع اللبنانيين على الحقيقة، بل جرى تحويرها من دون إيضاح السبب. فقد وَعَد غجر اللبنانيين بالإتيان بالفيول العراقي بعد 10 أيام، وذلك خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده في مطار بيروت فور عودته من العراق و”إلى الآن لا يوجد شيء، ومن حق اللبنانيين أن يسألوا”، يقول المتحدث العراقي. ويضيف أنه إذا كان هناك تأخير تقني، فلماذا وَعَد غجر اللبنانيين بـ10 أيام؟

وكان غجر قد وعد بأن الفيول بعد استبداله سيكفي لـ6 أشهر، ويزيد التغذية بالكهرباء لـ8 ساعات. ثم جرى التراجع عن ذلك. إذ قال غجر أن الفيول يكفي لـ4 أشهر، ولن يزيد ساعات التغذية، ما يترك الحاجة مستمرة لسلف الخزينة لتأمين الفيول للمعامل.
أما قول غجر بأن إتمام المشروع يحتاج لأشهر “فهذا مأزق آخر.. والمناقصات كان يجب إتمامها قبل 20 يومًا على الأقل. ومع ذلك، فهل وضع إعلان عن المناقصة على الانترنت يحتاج لشهر؟”.

هذه الوقائع لم يرد عليها الوزير غجر، رغم محاولة العراقيين التواصل معه. فخلص المتحدث إلى جملة تختصر كل الملف، إذ قال “خلينا ساكتين”. وتختزل هذه الجملة بمدلولها كلامًا كثيرًا وواضحًا، لكن لا يُراد له الخروج إلى العلن، لما يحمله من انعكاسات على الداخل اللبناني.
لكن كشف الحقيقة سهل، ويحتاج إلى “شخص شجاع يتحدث إلى اللبنانيين بشفافية”. وبغياب الشفافية والشجاعة، يفقد لبنان الكثير من المساعدات التي يمكن للعراق تقديمها، لكن في ظل المماطلة بالتجربة الأولى، لن يبادر العراق لتقديم المزيد.

خلاف على الحصص
تُحيل السلطة السياسية الملفات التي لا تريد تنفيذها، إلى دهاليز مجلس النواب أو مجلس الوزراء، فكيف إذا اجتمعت دهاليز المجلسين؟ فقد صادَقَ رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب على الاتفاقية الموقعة بين العراق ولبنان، وكذلك وافق عون على الإجازة للحكومة اللبنانية إبرام الاتفاق، وعلى مشروع مرسوم بإحالة الاتفاق إلى مجلس النواب.

ما يعني أن الاتفاق لن يدخل حيّز التنفيذ من الجانب اللبناني قبل إقراره في مجلس النواب. وللوصول إلى المرحلة النهائية، على الاتفاق المرور باللجان الفرعية والهيئة العامة ثم يحال إلى التصويت، ويعود بعد ذلك إلى الحكومة ثم يتوجّه إلى عون لإصداره. وتتضمّن الاتفاقية ترتيب كلفة مالية على الدولة، وإن لم تُدفَع فورًا. ما يجعل الاتفاق عرضة للفشل بفعل السجالات السياسية التي ستظهر أثناء نقاشه داخل مجلس النواب.
وتشير مصادر متابعة للملف من العراق، في حديث لـ”المدن”، إلى أن العراقيل في مجلس النواب “شبه محسومة، لأن خلافًا غير معلن نشب بين طرفين لبنانيين سَعَيا في البداية لاتمام الاتفاق بنجاح”. وتشرح المصادر أن “أساس الخلاف هو على هوية الشركات التي ستستبدل الفيول. ومن المعروف أن أي صفقة لا تتم قبل توزيع الحصص على بعض القوى السياسية”. وحول هوية الطرفين، تقول المصادر أن “مراجعة حملة الترويج للعقد مع العراق والتحقق من حجم الشكر للمبادرات والمساعدات، والتدقيق في هوية المشاركين والساعين للعقد، كافٍ لمعرفة التفاصيل”.

المصدر : المدن

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى