تحت المجهر

أحرقوا جثتي، لتنير دروب الضعفاء. (بقلم عمر سعيد)

إن كان حقا قد أوصى بحرق جثته..

فقد كرم لقمان سليم الحرية بريحها، وفضائها، ومداها، واتساعها، ونورها، بمنحها تمرده، وغبار جسده المقدس.

نعم جسده المقدس..
لأن كل الأجساد التي تعلق على صليب أو رصاصة كاتم صوت تقدسها التجربة.

والقبر أضيق من أن يتسع للخالدين.
وما القبور إلا لأولئك الذين يختارون الموت صامتين.

لقمان لم يمت، ولم يختر الموت، لكنه عندما خير بين الرصاصة والفرار، اختار الرصاصة.
لأن من طبع الحرية المواجهة، واقتلاع كل ساكن قد تعفن.

مات واقفاً، لئلا تنحني الحرية.

وليظل حراً حتى في موته، يليق بالريح أن تحمله غباراً، يحرض على الحياة.
يبارك كل أجسادنا المريضة بالخوف، والتردد، والانتظار.

أمثال لقمان وإن أتوا إلى هذا العالم بطريقة مألوفة، لا يمكنهم الرحيل عنه دون أن يلقنوه درساً أخلاقياً في الحياة..
درس يليق بهذا الطين، الذي لطالما اتهمته السماء بأنه من سلالة وضيعة.

سيشتعل جسد لقمان سليم، ليغدو ناراً لا تنطفىء في مشعل النور. يتقدم صفوف العابرين إلى الضوء.
نار تظل تبعث في الناس كل يوم كليما للحرية.
نار ترفض أن تلتهم أجساد الأبرياء..

سيكون قبر لقمان سليم فضاء هذا الوطن الثائر على التيجان القاتلة.
ليظل تاج نور، أسمى من أن تطاله أكف قاتل رخيص شمّات.

قبر لن تزوره إلا العقول والأرواح التي عرفت دربها إلى الضوء..
قبر لا تنال مسه أكف الضعفاء المخدوعين، من خلف أسوار مذهبة.
نعم.. قبر لقمان قبر من أثير..
فإله الحقيقة لا يرضى لرسله قبوراً من تراب.
ويليق بلقمان أن يشق الدرب صوب إله الحقيقة بنار روحه التي لن تنطفىء.

#عمر_سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى