تحت المجهر

خطة الحكومة … سطو على القطاع المصرفي وعلى ودائع الناس

منذ بداية الأزمة المالية في أيلول الفائت، تدخّل مصرف لبنان من خلال التعاميم التي تكون احيانا يومية، لوضع حدّ للأزمة، إلا أن الوضع يزداد سوءا حيث خلال فترة لا تتجاوز الستة أشهر تضاعف سعر الصرف، وانخفضت الليرة بشكل دراماتيكي وسريع، ليصل سعر الدولار الواحد الى 3300 ل.ل… وهناك من يتوقّع ان يصل الى 5000 ل.ل.

الى متى سيبقى هذا التدهور؟ في حين ان المواطن وحده يدفع الثمن.

فقد رأى كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس الدكتور نسيب غبريل ان التعاميم المتتالية عن مصرف لبنان منذ كانون الاول الفائت، هي من اجل تعبئة جزء من الفراغ الذي تتركه السلطة التنفيذية جراء التأخّر في اعلان خطّة واضحة ورؤية متوسطة وطويلة الأمد مع تحديد اولويات واضحة تؤدي الى صدمة ايجابية في الأسواق ترفع الثقة وتضخ السيولة.

واشار في حديث الى وكالة “أخبار اليوم” الى ان هذه التعاميم موقتة لمدة 3 او 6 اشهر وموضعية وتهدف الى إراحة المودع بقدر المستطاع، لكننا في ازمة ثقة وازمة مالية حادتين، وبالتالي هذه الإجراءات ليست الحل للأزمة بل من اجل ملء الفراغ الذي تتركه السلطة التنفيذية بسبب التأخّر باتخاذ اي اجراءات منها على سبيل المثال “الكابيتال كونترول”.

واوضح غبريل، انه بعدما اتخذت المصارف اجراءات موقتة في تشرين الأول الفائت (لعشرة ايام او اسبوعين) كانت تتوقّع من السلطة التنفيذية ان تبادر الى اتخاذ القرار من اجل استعادة انتظام العمل في القطاع. ولكن على الرغم من مرور ستة اشهر لم تقدِم السلطة على اي خطوة الأمر الذي ادى الى التراجع الحاصل.

واضاف: منذ شهرين نسمع عن “الكابيتال كونترول”، ولكن بعد التداول والنقاش في مجلس الوزراء سُحب نهائيا.

وردا على سؤال، انتقد غبريل ما سُرّب من بنود ما يسمى بالمشروع الإصلاحي والإنقاذي الذي طرحته الحكومة، الذي يحمّل بالكامل مسؤولية الأزمة الى المصارف والمودعين بالتحديد، وهو سطو غير مسلّح على القطاع المصرفي وعلى ودائع الناس. وتابع: الأخطر ان هذا النهج لو طبِّق فانه يغيّر الهوية الاقتصادية للبنان كليا، وعموده الفقري هو القطاع الخاص والمبادرة الفردية. وهذا ما ساعد الاقتصاد على الصمود عشرات السنين امام الصدمات أكانت محلية او خارجية او سياسية او امنية او مالية او اقتصادية.

واشار الى انه منذ خمس سنوات بدأ تغيير هوية الاقتصاد اللبناني تدريجيا بسبب انفلاش وتضخّم القطاع العام واحتكار الدولة لقطاعات حيوية نرى تراجعا في نوعية خدماتها مثل الكهرباء والاتصالات والمياه والنقل العام… معتبرا ان هذا الانفلاش والتضخم هو على حساب انكماش وتقلّص القطاع الخاص.

ولفت غبريل، في هذا الاطار ايضا، الى ارتفاع النفقات في القطاع العام بنسبة 150 % بين 2005 و2019، مع الاشارة الى ان هذا القطاع وظّف نحو 31 الف شخص بين 2014 و2018 اي اكثر من 30 % من اللبنانيين في سن العمل هم في القطاع العام، وهذا ما يدلّ على وجود آلاف الوظائف الوهمية وعشرات المؤسسات التي انتفى سبب وجودها باعتراف المسؤولين ولم يُتخذ القرار بوقفها.

الى ذلك، اشار غبريل الى اهمية احتساب الفرص الضائعة على الاقتصاد اللبناني وخسارة قيمتها، نتيجة عدم تطبيق الإصلاحات، وهذا ما يشير الى الفارق بين النمو المحقّق والنمو الممكن تحقيقه في الاقتصاد اللبناني. واكد انه بين العامين 2011 و2019 بلغت قيمة الفرص الضائعة 44 مليار دولار اي ما يوازي 9،4% من الناتج المحلي اللبناني.

وسأل: منذ بدء الانتفاضة في 17 تشرين وبدء الأزمة في ايلول الماضي، ما الذي تغيّر في نهج الحكم؟ لافتا الى ان كل يوم نخسر المزيد من الفرص، في حين ان الازمة حادّة ويجب ضخّ السيولة في الأسواق.

وختم: ما الذي تقوم به الحكومة من اجل استعادة الثقة؟… هذا هو الواقع المؤسف.

المصدر : وكالة “أخبار اليوم”

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى