رأي حر

الإفتتاح الرسمي لزمن جنون التيار (بقلم ليبان صليبا)

كان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل قد أعدّ العدة لانطلاقة الإنعطافة نحو معركة رئاسة الجمهورية، وكانت الإشارة قد بدأت يوم ١٣ تشرين الأول من العام الماضي محدداً خط السير الذي لا يجب أن يعيقه أي عائق تحت طائلة النهر الجارف…

إعلان ١٣ تشرين أسقطته شرارة ١٧ تشرين التي فاجأت التيار في شوارعه ونهره بتيار جارف أطاح بأحلام باسيل ومرمغ غروره وكرامته بشعارات رددها الكبار والصغار فرملت اندفاعته وحاصرته في قفص الإتهام…

رغم ما حدث، لم يعتبر باسيل نفسه معنياً بالهتافات وحاول التصرف كأن الجماهير الثورجية تتكامل مع أهداف التيار وتتفرع من نهره الجارف وترفع شعاراته، فيما الحق يقال بأنه لو امتلك نذراً يسيراً من احترام الذات لابتعد نهائياً او على الأقل عهداً عن الواجهة السياسية خصوصاً أنه لا يحمل في جعبته أي ذخيرة يمكن له أن يواجه بها، عوض ذلك، لم يكتفِ باسيل بالبهدلة الداخلية، بل انتقل إلى العالمية وبالتحديد من منبر دافوس وكانت القمة في المقابلة الفجة والفظة وغير المسبوقة التي أجرتها هادلي غامبل والتي خرج منها باسيل قزماً سياسياً جريحاً ومنهكاً…

ما سبق من أحداث ماثلة في الذاكرة هي ردة فعل شعبية أتت متأخرة أكثر من سنة ونصف ونعني منذ الإنتخابات النيابية التي حصد فيها باسيل أكثرية نيابية يتسلّح بها ولن يتخلّى عنها بسهولة للعودة إلى شعار الأقوى في طائفته رغم أنه أطاح بهذا الشعار على مستوى الطائفتين السنية والدرزية ونصّب ممثلين لهما كما يحلو له، من منطلق الأقوى في طائفته، سيسعى باسيل إلى تأجيل الإنتخابات النيابية إذا لم يضمن أكثرية نيابية كي يتولى هذا المجلس انتخاب الرئيس القادم للجمهورية…

تأجيل الإنتخابات النيابية يحتاج إلى ظروف قاهرة، ومنها التوتير الأمني والسياسي وربما الفراغ في المؤسسات في استعادة لرحلة العماد ميشال عون الرئاسية التي قد تكون بروفا لسلسلة أزمات قادمة تخدم هذا المنحى…

وتأتي التصريحات العونية التي طالت الحزب الفارسي لتخدم توجهات التيار في المرحلة القادمة، ولا يمكن اعتبار ما حدث بأنه زلّة لسان أو أجوبة عفوية أتت في سياق الحديث، والكلام العوني مسّ بالمحرمات لدى الحزب الفارسي وما ردّة فعل الجمهور المنضبط والمرتبط مباشرة بمنظومة الحزب الفارسي سوى دليل على غياب التنسيق المسبق بين الطرفين…

هذا لا يعني أن الكلام العوني يمكن البناء عليه، كما لا يمكن استثماره وطنياً، فهدف باسيل منه ممارسة الإبتزاز داخلياً وتقديم أوراق اعتماد أميركياً وطرق أبواب المجتمعين العربي والغربي، وكلّو على طريق بعبدا جائز…

لعبة التيار مكشوفة في أروقة الحزب الفارسي، علاجه معروف وورقته ممسوكة جيداً، وعلاج السحسوح السياسي متوفّر، وسجلات التيار بين ملفات النائب حسن فضل الله كثيرة وكافية لتعيد التيار إلى بيت الطاعة…

يخطئ التيار إذا اعتبر أن غياب البديل عند الحزب الفارسي يمكن أن يكون ورقة في يده، فالحزب عايز ومستغني، وعند سقوط هذه الورقة سينتقل جنون التيار إلى ساحات أخرى!

ليبان صليبا

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى