لبنان

مصير المفقودين بسوريا ومنظومة التبعية والعار في لبنان

Lebtalks – بقلم جورج العاقوري

وحده ذاك الشعور بالقلق الذي يتآكلك على مفقود يتفوّق على الشعور الذي يجتاحك جراء سرقة الموت حياة من تحب…
قلق مجبول بعقدة ذنب على ذنب لم تقترفه، لكن عدم نجاحك بكشف المصير يضحي جلداً وجدانياً للذات…
قلق يسابق عقارب الوقت فتتحول الثواني سنوات…
قلق يسرق أي بسمة أو سعادة أو سلام… قلق مدمّر للاهل والاحباء يحوّل يومياتهم جحيماً مستداماً…

مصير المفقودين في الحروب قضية ليست وطنية فحسب بل إنسانية وأخلاقية، لكن حسابات الدول أو الاطراف ومصالحها قد تحوّل هكذا قضية رغم قدسيتها الى ورقة في البازار السياسي وترميها في غيابه النسيان كما جرى مع قضية “المفقودين في الحرب اللبنانية” و”المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية”. إلا أن اي مصالحة وطنية أو سلام يبقيا باطلين ما لم يعالج هكذا جرح نازف.

ففي خطوة تاريخية في مسار الالف ميل، تبنّت الجمعية العامة للأمم المتحدة الخميس 29/6/2023 قراراً بإنشاء مؤسسة دولية جديدة لاستجلاء مصير المفقودين في سوريا وأماكن وجودهم وتقديم الدعم للضحايا وأسرهم بناء على مشروع قرار شاركت في صياغته كل من لوكسمبرغ وألبانيا وبلجيكا والرأس الأخضر وجمهورية الدومينيكان ومقدونيا…
خطوة لا يمكن إلا ان يهلّل لها كل من يملك حداً أدنى من الحس الانساني والشعور الاخلاقي…
خطوة فشلنا بالدفع نحوها كلبنانيين أو الادق عمل بعضنا على وضع كل العوائق أمامها ولكن لا يمكن إلا ان نبارك للسوريين ونأمل أن تأتي بثمارها المرجوة…
خطوة تعنينا حتى لو كانت تقتصر على مرحلة الحرب السورية منذ العام 2011 حيث فُقد ابن حردين الزميل المصور سمير كساب وغيره من اللبنانيين…
خطوة قد تشكّل فرصة لفتح الباب أمام معرفة مصير الاف اللبنانين المفقودين أو المعتقلين في سوريا…

لكن “منظومة التبعية” لنظام الاسد الاب والابن عندنا – والتي تحكم لبنان منذ الانقلاب على “اتفاق الطائف” فور ولادته بغطاء دولي يومها – تصرّ على التنصّل من مسؤولياتها وأقل واجباتها… وها هي حكومة نجيب ميقاتي أو الادق حكومة “الثنائي الشيعي” و”التيار الوطني الحر” ومن لفّ لفيفهم من أفرقاء كميقاتي تعلن على لسان وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدلله بو حبيب إمتناع لبنان عن التصويت على مشروع القرار. بـ”جهبزته” الدبلوماسية المعهودة، يبرّر بو حبيب عبر الـ lbci القرار بأن “لبنان يعتمد مع سوريا سياسة النأي بالنفس… نفضل ان نحل مشاكلنا مع سوريا بالحوار مع انو لحد اليوم ما نحلت هل مشكلة”. عن أي نأي بالنفس يتحدثون فيما الالاف من صفوف “حزب الله” على الارض يقاتلون؟!!

فهل تعلم منظومة التبعية والعار التي أوصلت لبنان وشعبه الى هذا الانهيار أن مصير سمير كساب ورفاقه على ضمير كل فرد منها وفي طليعتهم كل وزير، كما أن دم ضحايا 4 آب ومصير المفقودين والمعتقلين اللبنانيين في السجون السورية على يدي هذه المنظومة؟! وهل يدرك الساعون الى إيصال أي مرشح لـ”الثنائي” الى قصر بعبدا أنهم يكرّسون بتصويتهم هذا النهج المخزي؟!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى