لبنان

البركة الأسرائيلية . (بقلم عمر سعيد)

البركة الأسرائيلية
لن تنتصر جيوش تدوس بأحذيتها أوجه المواطنين ورؤوسهم.
جيوش تبدأ تاريخها باستعراضات عسكرية بمناسبة الاستقلال، وتنهيها بمطاردات عصاباتية لأحرار مساكين فقراء، يتراكضون في شوارع وسوح المدن فراراً من خيبات وهزائم أنظمة، حمتها تلك الجيوش، وحولتها إلى محتل دموي.

لم تنتصر جوش العرب قاطبة؛ ومنذ عقود إلا في معاركها ضد مواطني أقطارها.
ولم ينهزم جيش العدو الصهيوني إلا في معركته ضد أهله.
والفرق وواضح وجداً..
فشتان بين جندي يقاتل تحت راية قائد فاسد سارق لجيشه وأهله ووطنه، وبين مجند يتقدمه قائده في كل معاركه مهما كانت باطلة أو ظالمة، وإذا ما سقطت جثته في الميدان، تمت استعادة عظامها، ولو بعد مئة عام.

ذلك أن الحق والباطل لا يحددان نتائج المعارك مسبقاً، بل تحددها معايير الجندية والانضباط، والقيادة ومستوى انتمائها لجيشها ووطنها وعلاقتها بالمواطن والأرض والإنسان.

ولو أمعنا النظر في ممارسات قيادات الجيوش العربية وأنظمتها، ودققنا في نتائج معاركها، لتوصلنا إلى أن غالبية تلك القيادات تستحق أن تدرج على لوائح مجرمي حرب، وأن تساق إلى المحكمة الدولية، لفظاعة ما ترتكبه من جرائم وإبادات وتدمير وسرقة مقدرات وآثار واغتصاب.
كنت في سهل المنصورة عميق – في البقاع الغربي، أسأل عن مُزارع، فقالوا لي : إنه في حقله قرب ” البركة الإسرائيلية “.
استفسرت عن اسم البركة ثانية وثالثة للتأكد، فلعلي لم أسمع الاسم جيدا.
فأكد لي أحدهم، إنها بركة اصطناعية خلفها وراءه جيش الاحتلال الصهيوني، ولا زالت البركة شاهداً في مكانها وتسمى البركة الإسرائلية.

لقد رحل جيش الاحتلال الصهيوني، وبقيت آثاره في ذاكرة الناس، وفي الجغرافيا، ولا زلنا نسمع عن طريق اسرائيلية هنا، و بركة اسرائيلية هناك.

ترى لمَ لمْ تعمل المجالس المحلية على طمس هذه التسمية، أم أنها عملت، ولكن التسمية بقيت وفقاً لقاعدة ” أما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض” ؟!

إن ما ترتكبه أنظمتنا يدفعنا لا شعورياً إلى مثل هذه المقارنات والاستنتاجات التي نشعر بعدها بمزيد من اللوعة والألم والجراح.

فالأولى بأرضنا أن تخدمها جيوشها، لكنها ولأنها جيوش انظمة لا جيوش وطن، تدنسها بدماء الأبرياء.
والأولى بأرضنا أن تعمرها جيوشها، لكنها ولأنها جيوش انظمة لا جيوش وطن، تثخن في تدميرها وتهديمها.
والأولى بأرضنا أن تزرعها جيوشها، لكنها تحرقها وتشعل في أشجارها النيران.
والأولى بأرضنا أن تجملها وتزينها جيوشها، لكنها تحولها إلى خراب فاقع التنفير والتخويف.

لذلك نسمع أرضنا تئن كل يوم، كلما صرت فوقها حقائب المهاجرين المهجرين عنها، لصالح الموت الأسود المتنامي لصالح تلك الانظمة.
وندرك أن التطبيع الذي يحذر منه خطاب وأمن النظام العربي علناً، يعمل على تحقيقه وتعزيزه في الوطن والشتات، بممارسات تدفع المواطن العاجز إليه يوماً بيوم.
عمر سعيد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى