دفاع وأمن

“صائد الدبابات”.. صاروخ أميركي يرعب الجيش الروسي

في خضم أزمة أوكرانيا المتصاعدة مع روسيا، سارعت الولايات المتحدة إلى التدخل، عبر تزويد كييف بكميات كبيرة من صواريخ “جافلين”، المضادة للدروع.
صاروخ “جافلين”، الذي يعرف بـ”صائد الدبابات”، يعتبر أحد أقوى وأغلى الأنظمة الدفاعية على الأرض

ما الذي يميز صاروخ جافلين عن غيره؟

تعتبر صواريخ “FGM-148 Javelin” واحدة من أكثر أنظمة الأسلحة المتنقلة فاعلية في الجيش الأمريكي. وهي تتوفر لفرق المشاة في الخطوط الأمامية في مشاة البحرية والجيش، وعادة ما يُخزّن عدد قليل منها في مركبات وحدات المشاة الميكانيكية.

يقول تقرير لمجلة National Interest الأمريكية. إن نظام التوجيه بالأشعة تحت الحمراء في صواريخ جافلين أثبت كفاءته الكبيرة خلال القتال في العراق وأفغانستان وسوريا، بدقة توجيه الضربات إلى الدرع العلوي الأضعف في الدبابات. كما أن صواريخ جافلين تعرض طاقمها لمخاطر أقل من أنظمة الصواريخ الموجهة التقليدية. 

ولأنها نظام خفيف الوزن أصبحت سلاح الاستجابة الأول على الأرض في حالات الطوارئ التي يمكن وصفها بـ”غزو دبابات كبير وغير متوقع”، السيناريو الذي كان من الممكن أن تواجهه القوات الأمريكية في حرب الخليج، وتكرار نفس المخاوف حالياً في منطقة البلطيق.

وبلغت فاعلية وكفاءة صواريخ Javelin درجة أن مسألة بيع أو إعطاء الولايات المتحدة تلك الصواريخ لأي دولة أو كيان تصبح ذات أبعاد سياسية معقدة، وهو ما تكرر أكثر من مرة.

كيف تعمل صواريخ جافلين المضادة للدبابات؟ ولماذا تعد قوية؟

تتميز وحدة إطلاق صواريخ Javelin باستشعار متطور بالأشعة تحت الحمراء بالعديد من وضعيات الرؤية، مثل التكبير البصري ×4، والرؤية الحرارية بالضوء الأخضر ×4، وتكبير نطاق الرؤية الضيق ×12 للاستهداف. وبإمكان الموجّه في الصاروخ توفير وضع رؤية حرارية رابع بتكبير ×9. كما يعتمد النظام على عدد من تدابير الحماية لمنع إطلاق الصواريخ بطريق الخطأ.

يصل وزن حدة الإطلاق عند تحميلها بالصاروخ إلى 23 كغم (معظم الوزن يكون من الصاروخ). ويمكن إطلاقه من وضعية الانحناء أو الجلوس. وهذا أخف بكثير من الصواريخ الموجهة بالأسلاك أو الصواريخ بعيدة المدة الأخرى التي تتطلب عادةً حامل ثلاثي ثقيل الوزن.

بمجرد رصد المستخدم للهدف، يتم تسليط الراصد بالأشعة تحت الحمراء عليه ويضغط على الزناد، ليُطلق الصاروخ Javelin من وحدة الإطلاق دون استخدام محركه الصاروخي في “إطلاق ناعم” يتسبب في أن يكون الانفجار الخلفي قليلاً نسبياً. وهو ما يسمح لإطلاق الصاروخ من داخل مكان مغلق (داخل المباني) وهو ما يعطي قوة نارية كبيرة وفتاكة للقوات المدافعة داخل المدن وفي قتال الشوارع.

“أطلق وانسَ”

يتبّع نظام الإطلاق في صاروخ  Javelin تقنية “أطلق وانس”، أي لا يتطلب أي إدخال آخر بعد الإطلاق. وهذا يسمح لطاقم إطلاق صاروخ Javelin بالاختباء بعد الإطلاق، بدلاً من إجبارهم على البقاء ثابتين في مكانهم لتوجيه الصاروخ نحو الهدف، كما هو الحال في أنظمة خط الرؤية شبه الآلية المستخدمة في صواريخ التوجيه السلكي أو صاروخ AT-14 Kornet الموجه بالليزر.

يُطلق صاروخ Javelin لاستهداف الدرع العلوي للمركبة المدرعة، والتي تكون أقل سمكاً بكثير من الدرع الأمامي أو حتى الجانبي. تشير التقديرات إلى قدرة الرأس الحربي للصاروخ Javelin على اختراق ما يعادل 600مم إلى 800مم من الدرع المقوّى، الرقم الذي لا يعتبر مبهراً بالنظر إلى أن الدبابات الحديثة تتميز الآن بدروع مركبة فعالة للغاية ضد مثل هذه الرؤوس الحربية. ولكنها تظل أكثر من كافية لاختراق الدرع العلوي لأي مركبة، لا سيّما في غياب أي أنظمة دفاعية أخرى.

يمكن إطلاق صاروخ Javelin أيضاً في وضع الهجوم المباشر لضرب الأهداف القريبة جداً لدرجة عدم ملاءمة الهجوم العلوي أو إن كانت الأهداف تستفيد من غطاء حماية علوي مثل خندق أو مدخل كهف. كما يمكن أن يكون وضع الإطلاق المباشر فعالاً ضد الطائرات المروحية التي تحلق على ارتفاع منخفض.

لكن يظل نطاق ومدى صاروخ Javelin أقل من المعتاد، إذ يصل إلى 2.5 كيلومتر فقط. قد يكون ذلك مناسباً وكافياً لمعظم المواقف القتالية، إلا أن مدى صواريخ التوجيه السلكي الأقدم أو صواريخ Kornet تصل إلى 5 كيلومترات أو أكثر.

كيف تحاول الدبابات الروسية تفادي هذا الصاروخ القاتل؟

تقول المجلة الأمريكية: أصبحت روسيا على دراية بقدرات وإمكانات صواريخ Javelin، وأضافت العديد من التدابير المضادة في إحدى دباباتها لتصبح منيعة أمام تلك الصواريخ. 

وتتمثل تلك التدابير المضادة في أنظمة الدروع المتفجرة التفاعلية الجديدة، Relikt وMechanit، التي تتميز بطبقة مزدوجة من ألواح الدروع المتفجرة التفاعلية المصممة للتغلب على الرؤوس الحربية ذات الشحن الترادفي. كما يمكن أيضاً استخدام أنظمة الحماية النشطة مثل Shtora ونظام Afganit الأحدث لنشر قنابل “تعتيم” ووهج متعدد الأطياف لإخفاء الدبابة عن أجهزة الرصد بالأشعة تحت الحمراء أو تحويل أجهزة الرصد إلى مصادر حرارية أخرى.

إلا أن أجهزة الاستشعار الأحدث حسّنت من قدراتها أيضاً حتى تتمكن من رصد الهدف الأصلي من خلال سحابة التعتيم. أما عن أنظمة الدفاع النشطة المصممة للإطلاق على الصواريخ القادمة فستحتاج إلى إطلاقها عمودياً فوق الدبابة حتى توقف هجوم صاروخ Javelin من أعلى، ولا يبدو أن أي نظام دفاع نشط حالياً يمكنه فعل بذلك.

أين تم استخدام صاروخ جافلين الأمريكي؟

صُممت صواريخ Javelin في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، عندما كان قادة الجيش الأمريكي قلقين من اجتياح جحافل الدبابات السوفيتية لهم، لا سيّما مع الأداء الضعيف لصاروخ M47 Dragon المضاد للدبابات المستخدم في ذلك الوقت.

إلا أن الصاروخ Javelin دخل الخدمة أخيراً في الجيش الأمريكي عام 1996 بعد نهاية الحرب الباردة، وشوهد في عمليات قتالية لأول مرة في عام 2003 أثناء الغزو الأمريكي للعراق.

تمكنت صواريخ Javelin من تدمير العديد من الدبابات أثناء حرب العراق، من بينها دبابات Type 69 وLion of Babylon T-72، ولكن لا تعد أي منهما من الدبابات المتطورة. ومع نهاية المرحلة التقليدية من الصراع، سرعان ما أصبحت المهمة الرئيسية لصواريخ Javelins هي “قنص” الأهداف الأصغر. كان نطاق الاستهداف الدقيق لصواريخ Javelin مثالياً لرصد واستهداف فرق المسلحين، بالأسلحة الثقيلة وفرق المسلحين بالبنادق الآلية أو الصواريخ أو المدافع الخفيفة.

ما الجيوش التي تمتلك هذا الصاروخ غير الجيش الأمريكي؟

المفارقة أن استخدام صواريخ Javelin لتدمير الشاحنات والبنادق الآلية تجعل تكلفة صواريخ Javelin، التي تصل إلى 80,000 دولار للصاروخ الواحد، أعلى بكثير من قيمة أنظمة الأسلحة التي تدمرها. وبحسب ما ورد، فقد أدى ذلك إلى تراجع القوات الأمريكية في بعض الأحيان عن استخدام الصواريخ في أفغانستان.

وباعت الولايات المتحدة عدداً من صواريخ Javelin إلى العديد من دول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مثل فرنسا وبريطانيا، وإلى حلفائها في الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات، وإلى بعض الدول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ مثل أستراليا وإندونيسيا وتايوان.

وبسبب قدرات صواريخ Javelin الكبيرة، أصبحت مسألة بيع الصواريخ لدول أخرى تخضع لاعتبارات سياسية وعسكرية كثيرة.

على سبيل المثال، قدمت الولايات المتحدة 120 وحدة إطلاق صواريخ Javelin لإستونيا و260 وحدة إطلاق لليتوانيا. حتى إذا تعرضت دول البلطيق لغزو روسي، الأمر غير المحتمل بشكل كبير ولكنه يثير القلق بسبب حقيقة صعوبة الدفاع عن دول حلف شمال الأطلسي الصغيرة، تصبح فرق المشاة الخفيفة التي تستخدم صواريخ Javelin بمثابة خط الدفاع الأول لدول البلطيق على الأرض لحين تحرّك قوات حلف شمال الأطلسي.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى