تحت المجهر

رفيق الحريري.. صانع السلام في لبنان ضحية إرهاب مليشيا حزب الله

منذ 14 عاما، اغتيل رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق، الملقب بصانع السلام ومنقذ لبنان من الحرب الأهلية، إثر عملية تفجير دبرتها مليشيا حزب الله الإرهابي في 14 فبراير/شباط 2005.

عملية اغتيال الحريري أسفرت عن مقتل 22، وإصابة 226 شخصا، عندما فجر انتحاري شاحنة صغيرة كانت تحتوي على أكثر من كيلوجرام من مادة “تي إن تي”، لدى مرور موكبه بالقرب من فندق السان جورج في بيروت، وما زالت التحقيقات جاريةً بشأن مقتله.

ولد رفيق الحريري في مدينة صيدا الساحلية، في 1 نوفمبر/تشرين الثاني عام 1944، لعائلةٍ مسلمةٍ سنية، وله شقيقان هما شفيق الحريري وبهية الحريري.

وتلقى رئيس الوزراء الأسبق تعليمه في مدارس مدينة صور، وبعد نيله الشهادة الثانوية، درس إدارة الأعمال في الجامعة العربية في بيروت.

بعد تخرجه في الجامعة، سافر الحريري إلى المملكة العربية السعودية، حيث عمل مدرسا، لكنه بعد سنوات من ذلك، بدأ العمل في مجال الصناعة الإنشائية.

في عام 1969، أسس الحريري شركة مقاولاتٍ فرعية صغيرة، سماها سيكونسكت، لكنه تبين بعد ذلك أن هذه الشركة لم تكن ناجحة، فتعاون مع الشركة الفرنسية أوجيه، وأتم مشروع بناء فندقٍ في المملكة العربية السعودية.

وأصبح هذا المشروع هو حجر الأساس لانطلاق أعماله، وبعده استحوذ على شركة أوجيه، والتي أصبحت بعد ذلك شركة المقاولات الأساسية التي اعتمدت عليها العائلة المالكة السعودية في جميع أعمالها.

إنهاء الحرب الأهلية 

من أشهر المواقف السياسية للحريري تمسكه بحق لبنان في المقاومة واسترجاع الأرض من الإسرائيليين، واتفاق أبريل/نيسان الذي حيّد المدنيين في مقاتلة إسرائيل وحق المقاومة في العمل على تحرير الأراضي المحتلة.

ولعب الحريري نتيجة دبلوماسيته المحنكة دورا في صياغة اتفاق الطائف عام 1990، الذي أنهى 16 عاما من الحرب الأهلية اللبنانية، ليصبح عام 1992 أول رئيس لحكومة لبنانية بعد الحرب.

واستطاع الحريري خلال رئاسة الحكومة الثانية، في عام 2000، حث مجلس الأمن الدولي على إصدار القرار 1559، الذي دعا إلى انسحاب جميع القوات الأجنبية من لبنان.

إنجازات اقتصادية

أما على المستوى الاقتصادي، ساهمت سياسته في تحقيق انتعاش اقتصادي بإقراره السندات الأوربية التي حافظت على قيمة العملة اللبنانية، كما مكنته من اقتراض الأموال اللازمة لإعادة الإعمار.

وأسس الحريري مناخا استثماريا جاذبا للاستثمار الأجنبي، فعمل على بناء هيكل ضريبي مبسط، وقدم العديد من الإعفاءات الضريبية، إضافةً إلى القروض منخفضة الفائدة التي كان يقترضها لبنان.

لعل أبرز سياساته الاقتصادية هي Horizon 2000، وهو مشروعٌ تجديديٌ حاول من خلاله تطوير المشهد اللبناني بعد الحرب.

ففي ظل هذه السياسة، أسس وحدة المقاولات سوليدير Solidere والتي امتلكت الحكومة جزءا منها، كما امتلك مستثمرون أجانب وغيرهم أسهما منها، أعادت هذه الوحدة إعمار بيروت وحولتها إلى مدينة كبيرة معاصرة. وقد كان ذلك إنجازا كبيرا لبيروت التي دمرتها الحرب كليا.

خصخص الحريري الصناعة اللبنانية كجزءٍ من سياسته الاقتصادية، وكنتيجةٍ لذلك، فاز لبنان بالعديد من العقود لصالح قطاعاتٍ كبيرةٍ كالطاقة والاتصالات والسياحة.

انتهت حكومة الحريري الثانية في 20  أكتوبر/تشرين الأول عام 2004، بعد أن استقال من منصب رئاسة الحكومة، وخلفه الدكتور عمر كرامي.

نال الحريري عددا من الجوائز أبرزها: جائزة المواطن العالمي من الأمم المتحدة وذلك لمساهماته في العلاقات الدولية.

محاكمة القتلة

تسبب اغتيال الحريري في اندلاع “ثورة الأرز” التي أخرجت الجيش السوري من لبنان، وأدت إلى قيام محكمة دولية من أجل الكشف عن القتلة ومحاكمتهم.

وقامت لجنة من الأمم المتحدة برئاسة ديتليف ميليس، بالتحقيق في الحادث، حيث أشار التقرير إلى تورط عناصر تابعة لمليشيا حزب الله الإرهابي.

وتولى قيادة لجنة التحقيق بعد ميليس القاضي البلجيكي سيرج براميرتز، بينما يتولى رئاسة اللجنة حاليا دانيال بلمار.

بدأت المحكمة الخاصة بلبنان مداولاتها عام 2009 في لاهاي، وباتت أول محكمة جنائية دولية تسمح بتنظيم محاكمة في غياب المتهمين الممثلين بمحامين.

من أبرز المتهمين الذين شاركوا في اغتيال الحريري: مصطفى بدر الدين الذي يصفه المحققون بأنه “العقل المدبر” للاغتيال، لكنه لقي حفته فيما بعد وبالتالي لن تتم محاكمته.

ويبقى بذلك سليم عياش (50 عاما)، المتهم بقيادة الفريق الذي تولى قيادة العملية، ورجلان آخران هما حسين العنيسي (44 عاما) وأسعد صبرا (41 عاماً) الملاحقان خصوصا بتهمة تسجيل شريط فيديو مزيف بثته قناة “الجزيرة” يتبنى الهجوم باسم جماعة وهمية.

ويواجه حسن حبيب مرعي (52 عاما)، أيضاً عدة تهم بما في ذلك التواطؤ في ارتكاب عمل إرهابي والتآمر لارتكاب الجريمة.  

إحياء ذكرى الاغتيال

بعد 14 سنة من حادث الاغتيال، ما زال الشعب اللبناني يعيش على إنجازات الحريري في كل الميادين، وما زال محميّاً بإرثه الوطني والعربي والدولي المستمر مع نجله رئيس الوزراء الحالي سعد الحريري، الذي يستعيد زمام المبادرة، من موقعه رئيساً للحكومة.

وتأكيدا على إنجازات الحريري، حرص عدد من المسؤولين اللبنانيين على إحياء ذكراه عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث غرد الوزير السابق وئام وهاب على حسابه عبر تويتر، قائلاً: “في ذكرى استشهاد رفيق الحريري لا بد من الاعتراف بأن الرجل حقق إنجازات لبنانية وبعد استشهاده فشلت السلطات المتعاقبة في تحقيق أي إنجاز ملموس”.

المصدر : العين الاخبارية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى