تحت المجهر

حزب الله في مدارس المهدي.. صناعة المذهبية

أنشأ الحزب عدداً ضخماً من المدارس (مدارس المهدي) بلغ (15) مدرسة، (3) في ضاحية بيروت الجنوبية، و(8) في الجنوب، و(4) في البقاع، بالإضافة إلى واحدة في “قم” بإيران مخصصة لأبناء الجالية اللبنانية. وقد بدأت المؤسسة عملها منذ عام 1993 بثلاث مدارس. وتحتضن مدارس المهدي اليوم ما يقارب العشرين ألف طالب بمختلف مراحل التعليم ما قبل الجامعي –وفق الإحصاءات التي أعلنتها الجمعية. وتولي الجمعية اهتماماً خاصاً للمتفوقين بحيث تخصص لهم منحاً دراسية تصل قيمتها إلى 45% من مجمل القسط المدرسي.

من خلال شبكة المدارس تسهم في خلق وتصنيع الخصوصية الثقافية والمذهبية في أذهان الطلاب، ولو بطريقة غير مباشرة، وهو ما يطرح –بحدة- وظيفة التعليم الخاص الذي يغلب عليه الطابع الطائفي والمذهبي في لبنان بشكل عام، ليس فقط بما يتضمنه أو يتم تسريبه في المناهج، ولكن –أيضاً- في طبيعة الأنشطة التي تقيمها هذه المدارس، والثقافة التي تنشرها بين الطلبة، فمدارس المهدي والإمداد -على سبيل المثال- درجت على تعليم اللغة الفارسية ضمن مناهجها، فضلاً عن مخيمات وأنشطة لا تغيب عنها شعارات الحزب والجمهورية الإسلامية الإيرانية وصور الولي الفقيه والأمين العام حتى في مستوى الروضات، حتى يبدو أن أي ارتباط بالحضارة العربية وبالعروبة يجب أن يخضع أولاً إلى التصفية المذهبية، ثم ثانياً إلى التنقية الحزبية ذات المرجعية الإيرانية.التعبئة التربوية

من الواضح أن مصطلح التعبئة مستورد من قاموس الثورة الإسلامية الإيرانية التي يقابلها –إيرانياً- مصطلح “باسيج”. وقد تم استخدامه تواصلاً مع العمل الشبابي، حيث أنشأ الحزب “التعبئة التربوية” التي هي بمثابة الذراع الطلابية له، حيث تنتشر فروعها في مختلف الجامعات والثانويات وتهيمن على الفروع الرسمية الموجودة فيها بكثافة، وخاصة في المناطق والأحياء ذات الكثافة الشيعية. وهي تعرّف عن أهدافها بوضوح: “دعم المقاومة وتعميم ثقافتها وتجذيرها ورفدها بالكفاءات المتخصصة، والتزام القضايا الكبرى للوطن والأمة”.

تعكس أنشطة التعبئة التربوية مواقف الحزب وإيقاع ديناميته السياسية وتحالفاته مع القوى الأخرى في الجامعات، إلا أن الميدان الأبرز لهيمنته يبقى فروع الجامعة اللبنانية في الجنوب، ومجمع الحدث المركزي للجامعة، حيث تقيم التعبئة أنشطة واحتفالات متنوعة (معرض سيد الشهداء، يوم الشهيد، وقفات تضامنية في مناسبات إسلامية أو وطنية، مسيرات في حرم الجامعة، لقاءات ثقافية ومهرجانات في مناسبات متنوعة).

أما في الجامعات الخاصة، فغالباً ما تُجرى انتخابات طلابية في أجواء تنافسية حادة مع قوى (14 آذار)، خسر فيها حزب الله مع حلفائه -أخيرا- في الجامعة الأمريكية -على سبيل المثال- إلا أن مثل هذه الانتخابات جرى تعطيلها في الجامعة اللبنانية منذ عدة سنوات خوفاً من أن تتطور إلى اشتباكات بين المتنافسين.

يعنى الحزب –أيضاً- بقطاع المعلمين ويخصص لهم حيزاً مهماً، حيث ينتظمون داخل أطر مؤسساتية تهدف إلى إدخال الفعالية إلى دورهم وفي محيطهم، واستقطاب زملائهم إلى أطر الحزب. وهو ما ينطبق على مختلف مجالات المهن الحرة (من محامين ومهندسين وأطباء).العمل الكشفي

يولي حزب الله الفتيان والشباب أهمية كبيرة في عملية التفاعل والتأطير، وهو -في سبيل ذلك- عمد إلى تأسيس جمعية كشافة المهدي ومدينة الإمام الخميني الشبابية، وتعتبر جمعية كشافة المهدي -التي يعود تأسيسها إلى عام 1985، على الرغم من أنها لم تنل الترخيص الرسمي من وزارة التربية الوطنية والمديرية العامة للشباب والرياضة إلا عام 1992، ثم انضمت رسمياً إلى الاتحاد الكشفي اللبناني بداية عام 1997- تعتبر من أنشط وأبرز الجمعيات الكشفية –اليوم- في لبنان.

حزب يبتلع الدولة

إن القارئ لأهداف الجمعية سيجدها تتبنى أهداف ومبادئ وطريقة الحركة الكشفية كما نصت عليها المنظمة الكشفية العالمية والعربية واتحاد كشاف لبنان، ولا تختلف عنها سوى في الخلفية التاريخية والعقائدية. فهي تلتزم بمفاهيم الإسلام وفق المذهب الشيعي الاثني عشري، وتغرس في الناشئة عقيدة ولاية الفقيه. وهي –اليوم- تعتبر من الجمعيات الكشفية الكبيرة العاملة في لبنان، حيث تنتشر في معظم الأراضي اللبنانية، وخاصة في بيروت والبقاع والجنوب، وتجاوز عديدها بحسب إحصاء أعلنته الجمعية عام 2005 خمسة وأربعين ألفاً موزعة على خمس مفوضيات: بيروت، جبل لبنان، الجنوب (وتنقسم إلى مفوضيتين: جبل عامل الأولى وجبل عامل الثانية)، البقاع، الشمال، والتي تواكبها مجموعة مفوضيات اختصاصية (التدريب والبرامج العامة، الإعلام والفنون، الإدارة والممتلكات، الموارد البشرية وشؤون الأفراد، العلاقات العامة، المرشدات، الإنترنت، مجلة المهدي، التفتيش).

تتوزع نشاطات الجمعية على جوانب عديدة، أبرزها: تدريب الجوالة، والقيام بنشاطات بيئية وتوجيهية وترفيهية، إلا أن المتصفح للموقع الإلكتروني للجمعية، يلاحظ أن غالبية الأنشطة يغلب عليها طابع المشاركة في إحياء وتنظيم المناسبات الاحتفالية والأنشطة الدينية والحزبية الخاصة بالحزب. فعلى سبيل المثال، نلاحظ في عينة من الأنشطة قمنا بتتبعها في زيارتنا للموقع الإلكتروني شملت آخر (20) نشاطاً للجمعية، تبين أن بينها (9) أنشطة لمفوضيات مختلفة، استهدفت إحياء مناسبات دينية ومجالس عزاء ومسيرات عاشورائية، وما شابه ذلك، و(5) أنشطة تكريم بعضها يتصل بما سبق، ونشاطا بيئيا واحدا، وندوة ثقافية واحدة جاءت تحت عنوان “بناء الشباب من خلال نماذج عاشوراء”.مجلة المهدي

تصدر الجمعية مجلة تحت اسم “مجلة مهدي”، وهي متخصصة بالفئة العمرية (8 – 13 سنة) وهناك أعداد مخصصة بالفئة (4 – 7 سنوات) وهي توزع على شبكة مدارس المهدي. وقد نشر المدون خالد علم الدين دراسة تحليل مضمون مصوّر لبعض أعداد هذه المجلة، ونشر بعض ما تحتوي على صفحته، والتي تحتوي على نصائح الإمام الخميني والإمام الخامنئي، وتدور موضوعاتها الرئيسة حول الاستشهاد والمقاومة، مصحوبة برسوم أغلبها بنادق ودبابات وعبوات. وتبدأ المجلة بمقدمة ترشد الأهل حول كيفية تعليم أبنائهم فكر المقاومة، وتقترح عليهم بعض النظريات في هذا المجال. في أجزاء أخرى تتضمن صفحات التلوين معدات عسكرية، كما تمتحن المجلة الأولاد عبر تمرين متعلق باعتداء بقنبلة ومزين ببعض الأسلاك الشائكة، وألعاب مثل ساعد الأرنب على اجتياز حقل الألغام، أو اختبر مهاراتك في الرياضيات في عد الألغام، هذا عدا عن المتاهة المتعلقة بالألغام.

في تصفح موقع مجلة المهدي، نجد -فضلاً عن ذلك- مجموعة من الأعداد الصادرة تحوي –أيضاً- قصصاً مختلفة، منها ما جاء تحت عنوان “مقاومون” أو قصص مجلة “بقية الله”، لكنْ –أيضاً- هناك أعداد غلب عليها الطابع الترفيهي، حيث تقيّم مؤسسة الهادي علاقات الطفل السمعية والبصرية وصعوبات اللغة والتواصل، وأنشطة (كرمس) بالإضافة إلى ألعاب مع أطفال المهدي.

الميدل إيست اونلاين

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى