من هنا وهناك

اللبنانيون ينفقون مبالغ كبيرة لإنقاذ مدخّراتهم

AFP – بشير الخوري – ترجمة صوفي شماس
3 شباط، 2020

الشركات تغلق أبوابها والمطاعم شبه فارغة، لكن في ظل أسوأ أزمة اقتصادية في لبنان منذ عقود، يعقد أصحاب المجوهرات الفاخرة ووكلاء السيارات الفخمة والمعارض الفنية صفقات كبيرة.

بعد أن شعروا بالقلق من أن مدخرات حياتهم قد تتلاشى مع انهيار القطاع المصرفي، يقوم معظم اللبنانيين بسحب أموالهم من المصارف وشراء أغلى السلع التي يمكنهم الحصول عليه، بعد أن فرضت البنوك قيودا على عمليات السحب والتحويلات الخارجية، الأمر الذي دفع بعض المودعين إلى استخدام الشيكات المصرفية لإنفاق مدخراتهم التي يخشون أن يتم استنزافها عن طريق خفض القيمة المعلنة للأصول أو تخفيض قيمة العملة، في حين أفاد أحد سماسرة العقارات في بيروت أن المبيعات تضاعفت ثلاث مرات منذ تشرين الثاني الماضي وهناك طلب كبير على شراء العقارات، “يريد الناس تنويع استثماراتهم كإجراء وقائي ضد التهديد الذي يحوم فوق القطاع المصرفي والعملة الوطنية”، وبالتالي، أطلقت الشركات التي تشجع اللبنانيين على إنفاق مدخراتهم عن طريق الاستثمار في العقارات حملات إعلانية على اللوحات الإعلانية وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

من جهة أخرى، يتجه عدد كبير من اللبنانيين إلى شراء شقق ومنازل خارج لبنان خوفا من انهيار سوق العقارات أيضا، وانتشرت في الفترة الأخيرة إعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي إعلانات مثل، “”يمكنك تأمين مدخراتك باستثمار عقاري في اليونان يمكنك دفعه في لبنان”.

منذ العام 1997 تم ربط الليرة اللبنانية رسميا بالدولار، لكنها فقدت ثلث قيمتها في السوق الموازية مؤخرا، ومع احتمال إعادة هيكلة لبنان أو سداد ديونه بعد سنوات من سوء الإدارة الاقتصادية والفساد، يخشى الكثير من اللبنانيين من أن يؤدي انخفاض قيمة العملة الرسمية لليرة إلى خفض مدخراتهم. فقد أدى فقدان الثقة في القطاع المصرفي الذي كان في يوم من الأيام مصدر فخر وطني إلى تراجع الودائع في لبنان بمقدار 12 مليار دولار على مدى الأشهر الأحد عشر الأولى من عام 2019، بعد أن كانت مدعومة لسنوات من خلال تدفق الأموال إلى لبنان من سكان الشتات والخليج الذين اجتذبتهم أسعار الفائدة المرتفعة. لكن هذه الفوائد انخفضت بشكل كبير منذ كانون الثاني الماضي، مما زاد من ثني المودعين في الخارج وفي الداخل عن وضع أموالهم في المصارف.

على الرغم من الضوابط التي فرضتها البنوك لمنع هرب رؤوس الأموال، لا يزال بإمكان المودعين اللبنانيين طلب شيكات مصرفية لاستخدامها في شراء سلع يشعرون بأنها لن تنخفض أو يمكن إعادة بيعها بسهولة في الخارج.

فقد أشار أحد تجار المجوهرات الذي لديه أكثر من 14 فرعا تنتشر في جميع أنحاء البلاد إلى أن عدد العملاء الذي يشترون العملات الذهبية والسلاسل والأساور والقلائد من أجل قيمتها النقدية فقط هو في ازدياد مضطرد. كما أفاد أحد تجار السيارات أن الطلب على سيارات لامبورغيني وبنتلي اللتين يصل سعرهما في بعض الأحيان إلى 400 ألف دولار لا يزال ناشطا حتى مع انخفاض مبيعات السيارات عموما.

وعلى الرغم من أن هذه السيارات قد تفقد تدريجيا بعضا من قيمتها ولكن بالنسبة إلى العديد من المشترين، فإن الأمر يتعلق بمحاولة عدم فقدان كل شيء.

أما الأعمال الفنية، وهي استثمار آمن تقليدي في أوقات الأزمات، فيتم التهافت عليها في معارض بيروت الراقية. فقد قال أحد مالكي هذه المعارض: “لقد تلقيت مؤخرا زيارات من أشخاص لم أرهم من قبل في معرضي، وهم يرغبون في شراء أكبر اللوحات وأغلاها ثمنا”.

من جهة أخرى، يميل غير الواثقين من كيفية إنفاق أموالهم إلى سحب أكبر قدر ممكن من النقد من المصرف وإبقائه في المنزل. ووفقا للسلطات المصرفية، تم سحب 3 مليارات دولار من المصارف وتخزينها في المنازل منذ أيلول الماضي، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع في نسبة بيع الخزائن. وبحسب أحد تجار التجزئة المتخصصين في الخزائن فقد ارتفعت المبيعات بنسبة خمسين في المئة، وبعد أن كانت المصارف تشكل نسبة العملاء الرئيسيين، أصبح المودعون هم العملاء الرئيسيين لديهم.

“لم يعد الناس يبحثون عن أي نوع من الأرباح. إنهم يريدون فقط إنقاذ أموالهم بأي ثمن”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى