لبنان

عقدة اللون الواحد تعطل تشكيل الحكومة اللبنانية

لم يمر بعد أسبوع على تكليف حسان دياب لتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، حتى بدأت المشاكل بين الفرقاء الذين سموه، وهم من اللون الواحد بجامع مشترك… تحالفهم مع حزب الله.

في الاستشارات النيابية مع الكتل الممثلة في البرلمان اللبناني، سمع الأستاذ الجامعي ووزير التربية سابقاً في حكومة حزب الله الأولى بعد الانقلاب على سعد الحريري، كلاماً معسولاً عن تسهيل مهمته إلى أقصى حدود، ولم تشترط عليه القوى التي سمته في تصاريحها المعلنة، إلا ضرورة الإسراع في التشكيل، لأن ظروف البلد لا تحتمل أي تأخير.

مدة التأليف

تُرِكَ دياب لاستكمال استشاراته ولقاءاته على وقع ما حدده لنفسه من مهلة للتكليف قد تتخطى الأربعة أو الستة أسابيع، ما أثار استغراب كثيرين، لا سيما أن المعلومات كانت تفيد بأن تكليفه جرى بعد الاتفاق معه على شكل الحكومة وأعضائها، وإلا فكيف حصل واتفق عليه بسرعة مفاجئة، بعد اعتذار الرئيس سعد الحريري عن عدم الترشح لمنصب رئاسة الحكومة.

بقيت لقاءات الرئيس المكلف بعيدة من الإعلام، فيما كان الحراك الشعبي يستكمل احتجاجاته مترقباً شكل الحكومة وأعضائها، وسط غضب سني متفاقم، ترجم بتأييد خجول لا بل معدوم للرئيس المكلف، علماً أن بعض من في الوسط السني حمّل الرئيس الحريري ما وصلت إليه الأمور، بعدما بقي موقفه متأرجحاً بين القبول بالتكليف وعدمه، وصولاً إلى السماح لمرشح قوى الثامن من آذار بالفوز المريح، بمجرد اتخاذ موقف التمنع عن تسمية أحد، بمن فيهم السفير نواف سلام الذي كان سماه بعد استقالته ورفضه حزب الله.

موقف الحريري

فجّر الحريري الذي اعتذر عن عدم الترشح للتكليف، ووعد خلفَهُ بالتسهيل، بشكل مفاجئ خلال دردشة إعلامية قنبلة كلامية، لافتة في توقيتها ومضمونها، إذ سبقت أول لقاء لدياب مع الرئيس عون في بعبدا بعد جولة أولى من الاستشارات قيل إنها تناولت تصوراً أولياً لشكل الحكومة.

رئيس الحكومة السابق الذي لم ينتظر حتى أن يعرف شكل الحكومة المقبلة، أعلن أنه لن يشارك فيها ولن تمنحها كتلة المستقبل الثقة، وشن على العهد وصهره هجوماً في توصيف الحكومة الجديدة بحكومة جبران باسيل صهر الرئيس ميشال عون.

لم يأت كلام الحريري من عدم، بل في سياق مواقف متصلة لكل من خصم باسيل اللدود سليمان فرنجية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، والمفارقة أن الاثنين حليفان لحزب الله، واشتركا في تسمية خلف الحريري.

تناقض

أعلن بري أن حكومة اللون الواحد لا ضير فيها، متمسكاً بالسياسيين أيضاً في صيغتها، قاطعاً في ذلك الطريق على أي تأييد دولي خارجي لحكومة دياب، أما فرنجية فاعترض مغرداً: “حتى الآن طبخة الحكومة تظهر أنها حكومة ظاهرها مستقل وباطنها مرتبط، بباسيل. حكومة تضم مستقلين تاريخهم تسويات مع أصحاب النفوذ والسلطة وسياسيين مشهوداً لهم بالتقلب…”.

فما الذي دفع ببري وفرنجية والحريري إلى اتخاذ مثل هذه المواقف التي سيكون لها ترددات سلبية على مهمة التأليف؟

تكشف مصادر مطلعة لـ “اندبندنت عربية” أن استياء فرنجية وبري والحريري مرده إلى أن الرئيس المكلف حسان دياب لم يتواصل مع أحد منهم، وهو أنهى تشكيلته الحكومية وكان في صدد إعلانها يوم غد الخميس، بين عيدي الميلاد ورأس السنة، بعد اطلاع رئيس الجمهورية عليها. وتبقي التشكيلة المقترحة الحقائب الأساسية على توزيعها السابق الطائفي، كما في حكومة الحريري.

تسريبات

نسق دياب مع الوزير جبران باسيل في شأن أسماء المسيحيين وحقائبهم، ولم يفعل الأمر نفسه مع بقية القوى التي سمته، وقد ذهب أبعد من ذلك في تسمية أسماء تشكل استفزازاً لبقية القوى.

من الأسماء المسيحية نصت التشكيلة بطلب من باسيل على تسمية سفير لبنان في جنوب أفريقيا قبلان فرنجية المعين من قبل باسيل سفيراً لتولي حقيبة وزارة الطاقة، والمعروف أن فرنجية، بعيد جداً عن زعيم المردة، وزياد بارود لتولي حقيبة وزارة العدل ودميانوس قطار للاقتصاد.

وقد عُلم أن باسيل رفض توزير العميد المتقاعد جورج نادر بصفته ممثلاً للحراك الشعبي، علماً أن الأخير ووجه أيضاً بحملة انتقادات من قبل المتظاهرين لمجرد مشاركته في الحوار مع دياب.

في سياق متصل، علمت “اندبندنت عربية” أن الرئيس المكلف حدد أسماء شيعية من دون التنسيق مع الرئيس بري، لا سيما لحقيبة المال التي كانت من حصة حركة أمل، مقترحاً نائب حاكم مصرف لبنان السابق رائد شرف الدين، لكنه في المقابل نسق مع حزب الله في شأن الاسم المقترح لتولي حقيبة الصحة وهو الدكتور رضا قاسم طبيب مختص بالعظام ومن أصدقاء عماد مغنية ومتخرج من الولايات المتحدة.

أما من الأسماء السنّة المقترحة والتي رفضت المشاركة فهي العميد المتقاعد إبراهيم بصبوص لحقيبة الداخلية، وحسان قباني الرئيس التنفيذي لشركة زين السعودية لحقيبة الاتصالات.

الاندفاعة التي رافقت التكليف، يبدو أنها لن تنسحب على التأليف، والمشكلة لم تعد بين فريق سياسي وآخر بل صارت ضمن الفريق نفسه الذي كان وراء التكليف، أما مايسترو هذا الفريق أي حزب الله فحساباته تتخطى الحدود اللبنانية.

اندبندنت العربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى