لبنان

أنا لا أدافع عن بكركي. (بقلم عمر سعيد)

 

وكأنه لا يمكنك أن تكون لبنانيًا إلا إذا كنت طائفيًا، تسير في قطعان الطائفين صباحًا إلى مراعي البنزين والخبز والدولار، ثم تعود عند المساء إلى زريبة أصحابها، ليحلبك صاحبك، ويصفعك على مؤخرتك، فتدخل الزريبة.

ماذا أكون لو أني كنت سنيًا وشيعيًا ومارونيًا ودرزياً وأرثذوكسيًا وعلويًا ويهوديًا ومن شهود يهوا، ولا دينيا، وكانت جميعها في قلبي وروحي؟ هل أكون عميلًا، أم كافرًا؟!

ماذا أكون لو أني كنت سنيًا يرى أن انتماءه السليم لطائفته، يفرض عليه أن يدافع عن بكركي، وعن أية كنيسة أو كنس في لبنان؟!

أنا لا أدافع عن بكركي، لأنها ليست ضعيفة وليست بحاجة إلى دفاعي عنها.
أنا أدافع عن نفسي باستظلالي فيء بكركي.

وقد بدا واضحًا وجدًا أن آخر القلاع التي يمكنني اللجوء إليها في لبنان هي بكركي.

أدافع عن بكركي، لأني لا أحتمل العيش في وطن بلا كنائس، بلا صلبنان تشع فوق قممه إذا جن الليل.

أدافع عن بكركي، لأني استمتع بالأسماء التي ينادى عليها في الأزقة، والشوارع، والدوائر الرسمية، من طوني إلى جورج وشربل فمارون، وغيرها..
وآه كم يطربني أن يناديني الياس وحنا: يا عمر!

أدافع عن بكركي لأنه لولا صوت النحاس في أجراس قداس الأحد، لكان الأحد كالأربعاء، لا فرح فيه ولا رحمة.

أدافع عن بكركي لأن الله ليس شيعيًا، ولا سنيًا أو مارونيًا، ولا درزيًا.
ولأن الله هو الله أدافع عن بكركي، وأدافع عنها لأنها أحصن ما تبقى من لبنان.

أدافع عن بكركي لأن الجبل سيفقد ارتفاعه، كما سيفقد السهل انسيابه، والساحل طراوته، ولأني سأفقد إنساني إن لم أدافع عني بدفاعي عن بكركي.
أدافع عن بكركي، لأني مؤمن أني بهذا الدفاع أدافع عن نفسي، عن عائلتي، عن أهلي، عن قريتي، عن لبنان!

عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى