تحت المجهر

الموت الأسود لا يوجع… (بقلم عمر سعيد)

بين الدم والدم ألوان لا تثير الحزن، وروائح الموت الديني بأكثر من نكهة ..
إلى سكان الخوف في نيجيريا، يفرون من المطاردة الحمراء إلى توابيتهم استسلاما..
يموتون بلا مقاطع مصورة تحقق مشاهدات ولا صحف تزداد نسبة مبيعاتها ..
يموتون، فقط يموتون ولا شيء اكثر من ذلك.
فلا سلاسل بشرية تحتج على موتهم، ولا مآتم يتقدمها المشاهير، ولا مؤتمرات تندد .
بضعة من أقاربهم تحملهم إلى منافيهم الأخيرة وترجع مكسورة الخاطر والأمل.
مجرد صناديق خشبية بنّيّة بلا بواكي ، ومن يدري؟! لعل في أحدها طفلاً غفرت له موته حدةُ الجوع التي أرهقته، أو لعلها أم لأيتام، ما بلغوا الحلم، عادوا من المقبرة إلى بيتهم مساء، يحتضنون بقايا ثياب أم لم تغتسل بغير دمها وضعفها.
جثث مهملة تشق طريقها صوب الله وسط ازدحام البنادق والسكاكين وتجاهل من عالم التبجح والادعاء والمصالح.
فكأن الكون يريد ان يؤكد ألا نجوم سود تشع في الليالي، ولا ملائكة سود تحقق الأحلام..
ولمَ يصعبُ على الجغرافيا احتمال إلهين لا أعرف؟ وأي آلهة تلك التي تحدد الحياة على أساس لون الدم والوجه؟!
ونحن المشاهدون الصامتون نتبادل آخر المقاطع والمستجدات، كجزء من مرآة بوجهين ترى الموت موتين : موتاً يوجعنا ويشعل فينا الغضب ، وموتًا يعفي أعيننا من الدمع عليه.
فهنا موت أبيض يبعث فينا خزياً وحزناً وأسى واستنكاراً.
وهناك موت أسود لا يوجعنا.
وهنا موت جليل، وهناك موتٌ باهت ، ومن حولنا عالم القوة والمال يرى الموت بالألوان .
وأنا العاجز أواري خجلي، وأستحي من انسانيتي العاجزة، وأصرخ في عالمي الجواني من إيمان لا ينتج إنسانا في بشر،
فعلى ما يبدو ألا قيمة للون الأسود إلا في العباءات وعمامات رجال الدين والرايات التي تعزز الأرهاب وثياب الحداد الأنيقة.

عمر سعيد .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى