تحت المجهر

جمعية غير حكومية “تستوطن” في وزارة الطاقة… ما يجعلها تستفيد من هبات الجهات المانحة

قبل ان تتأسس جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”، تقدمت وزارة الطاقة والمياه عام 2007 من مجلس الوزراء، بطلب الموافقة على إنشاء “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”. أخذ مجلس الوزراء رأي الجهات المعنية بالموضوع، فأتى ردّ مجلس الخدمة المدنية بكتاب يحمل الرقم 459، عام 2008، لفت فيه الى أن المهام المقترحة للمركز المقرر إنشاؤه، تتكامل أو تتفرع عن مهام وزارة الطاقة والمياه المنصوص عنها في القانون 462/2002.

ورأى مجلس الخدمة المدنية في كتابه، أن مبادئ التنظيم الإداري تقضي بتجنب توزيع المهام المشابهة على عدة إدارات، تلافياً لتشابك الصلاحيات في ما بينها، وخلص الرد الى نتيجة مفادها عدم الحاجة لإنشاء هذا المركز.

رأيُ المستشار القانوني لرئاسة مجلس الوزراء لم يكن بعيداً عن رأي مجلس الخدمة المدنية، فشدد في مطالعته على أن الأحكام المُنظمة للمركز تُبيّن أن المقصود، هو إنشاء مؤسسة عامة ذات نظام خاص، غير خاضعة لأحكام النظام العام للمؤسسات العامة، وهو أمر غير ممكن إلا بموجب نص تشريعي، وخلص الى عدم الموافقة على إنشاء جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”.

لم يؤخذ برأي الجهات القانونية، وعلى الرغم من عدم تصديق مجلس الوزراء على إنشاء “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”، أبصرت الجمعية المذكورة النور، بموجب علم وخبر من وزارة الداخلية في كانون الثاني عام 2011، وجعلت مكتبها في وزارة الطاقة والمياه، في سابقة خطيرة تتعلق بإنشاء جمعية، تتخذ من إحدى الوزارات مقراً لها.

تعنى هذه الجمعية بوضع الخطط والمعايير لاستعمال الطاقة المتجددة وحفظ الطاقة على الصعيد الوطني. وتساند الحكومة اللبنانية في وضع وتنفيذ استراتيجيات وطنية ترمي إلى تشجيع تنمية وترشيد استخدام الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة على مستوى الاستهلاك، ونشر الوعي الوطني في المجتمع اللبناني لحفظ الطاقة والطاقات المتجددة.

في طبيعة تأسيسها هذه جمعية غير حكومية، لكن “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”، يعلن على صفحته الإلكترونية، أنه مؤسسة حكومية مرتبطة بوزارة الطاقة والمياه، ما يجعله يستفيد من هبات الجهات المانحة، لتنفيذ مشاريع تتعلق بحفظ وترشيد الطاقة، من دون أن يصدق مجلس الوزراء على هذه الهبات.

تحصل الجمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” على تمويل سنوي مباشر من وزارة الطاقة والمياه، قدره 6 مليار ل.ل، خُفض في موازنة العام 2018 الى 4 مليارات، فيما رئيس الجمعية يمثل الدولة اللبنانية في المركز الإقليمي للطاقة المتجددة الى جانب مدراء عامين يمثلون حكوماتهم.

وعلم موقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني أن جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” تقدم خدمات استشارية لمصرف لبنان بموجب عقود بمئات آلاف الدولارات، وذلك لاختيار قروض مُيسرة من مصرف لبنان وهبات من الجهات الدولية المانحة والتي قدرت بين اعوام 2016 و2020 ما بين 600 الى 900 مليون دولار، صُرف منها حتى العام 2017 حوالى 464 مليون دولار.

ويتبيّن من خلال كل ما ذكر أن جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” تتصرف بأموال حكومية وغير حكومية من دون حسيب أو رقيب ومن دون المرور بديوان المحاسبة. وتشير معلومات خاصة الى أن الجمعية المذكورة تعمد الى التهرب الضريبي والتهرب من دفع الضريبة على القيمة المضافة.

هذه المعطيات الملتبسة المحيطة بهذا الملف، دفعت تكتل “الجمهورية القوية” عبر النائب جورج عقيص، الى توجيه سؤال الى الحكومة اللبنانية، عبر مجلس النواب، حول الوضعية القانونية لجمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” والمخالفات المرتكبة من قبله.

وتوجه التكتل الى الحكومة بالأسئلة التالية: ما هي الطبيعة القانونية لجمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة”؟ علماً أن ممثلي الجمعية يدعون بأن المركز هو مؤسسة ذات منفعة عامة. مع الإشارة الى أن هذه الصفة تقتضي استصدار مرسوم من مجلس الوزراء. وهل حصلت الجمعية على هذا المرسوم؟ وفق اي مسوغ قانوني تنتحل جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” صفة حكومية، وتتخذ في سابقة خطيرة من إحدى الوزارات مركزاً لها؟

على ماذا تستند جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” لتمثيل لبنان في المؤتمرات العربية والإقليمية، ويمثل رئيسها الدولة اللبنانية في “الإتحاد من أجل المتوسط UFM”، وهل ارتقى رئيس الجمعية الى رتبة مدير عام؟ وبأي مسوغ قانوني تم ذلك؟ وهل تفتقد وزارة الطاقة والمياه الى مدراء عامين لتمثيل لبنان في الخارج؟

وفق اي أسس قانونية تقوم جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” بتقديم خدمات استشارية الى مصرف لبنان بموجب عقود بمئات آلاف الدولارات؟ وعلى اي أساس يتم صرف الأموال المخصصة لدعم مشاريع حفظ الطاقة وفق اختيار الجمعية؟ وهل يملك المركز الإمكانات الفنية التي تمكنه من القيام بهذه المهمة؟ وما هي الضمانة كي لا يكون هناك محسوبيات في عملية الاختيار؟

لمَ لا تقوم جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” بتسجيل عقود موظفيها في وزارة العمل وفي الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي؟

لماذا تقوم جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” بتوقيع عقود خدمات مع جهات رسمية وخاصة، منها عقود بمئات آلاف الدولارات مع مصرف لبنان من دون تسجيلها في وزارة المالية ومن دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة الأمر الذي يشكل منافسة غير مشروعة لمكاتب الهندسة التي تدفع الضرائب على الارباح بالإضافة الى الضريبة على القيمة المضافة؟

عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص اعتبر أنه في خضم الحديث الإعلامي الكثيف عن مكافحة الفساد، يحاول التكتل الإضاءة على مكامن الفساد والذهاب عملياً الى ممارسة دوره الرقابي من خلال توجيه الأسئلة النيابية الى الحكومة.

وشدد في تعليق لموقع “القوات اللبنانية” الإلكتروني على ان “التكتل جمع المعطيات والمعلومات عن جمعية “المركز اللبناني لحفظ الطاقة” التي قد تكون أحد اوجه الهدر الكبير في وزارة الطاقة والمياه، ما دفعنا الى توجيه هذا السؤال، وسننتظر أجوبة الحكومة”. وأكد استعداد التكتل لتحويل هذا السؤال الى استجواب وفق ما ينص عليه الدستور والنظام الداخلي لمجلس النواب، غي هذا الملف أو في غيره، إذا لم يقتنع التكتل بجواب الحكومة.

المصدر : موقع القوات الاكتروني

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى