تحت المجهر

المئوية الأولى لأم الشرائع (بقلم عدنان نعمة)

مدرسة الحقوق الرومانية كانت تسمى (منارة الفقه)
كانت ولادة المدرسة في اوائل القرن الثاني (٢٠٠ م) و اقدم دستور امبراطوري صدر (١٩٦ م) اودع لدى امانة المحفوظات في بيروت و كان الحافز لقيام المدرسة اذ وفر على الاساتذة سبل الاطلاع عن قرب على دساتير الامبراطورية مما اسبغ على المدرسة اهمية خاصة و ساعدها على تخطي زملائها في سائر مدارس الامبراطورية
اذ احتضنت الامبراطرية الرومانية عدة مدارس للحقوق في العالم ” مدرسة بيروت و روما و القسطنطينية ” لم يبقى منها سوى مدرسة بيروت التي سميّت (منارة الفقه)


حتى ان مدرسة العاصمة روما و القسطنطينية التي رأت افول نجمها في عهد الامبراطورية السفلى لم تستطع ان تحجب وهج مدرسة بيروت او ان تعادلها مستوى و مجهود
فطاقة المدرسة على الابداع لم تنحصر بإمتلاكها القدرة على التطور و مماشاة العصر بل تجلت في العمق اي في خلق ذلك “الحق الجديد” و في صهر افكاره الشرقية بقوالب رومانية اصيلة


فحقاً قيل من دون محاباة ان بيروت جديرة بأن يكتب اسمها الى جانب روما في صناعة القوانين
وهل ادلّ على مخاض العبقرية في ما تأتي و تصنع من الاعتراف لها بصفة ( الامومة) !! وهو لقب لم يترام الينا انه اطلق على مدينة سواها في التاريخ


في الكتب و المراجع تسميتان لبيروت: “nutrix legum “ اي (مرضعة القوانين) و “mater legum” اي (ام الشرائع)

أين هي ام الشرائع و مرضعتها في القرن الواحد و العشرين؟


كانت بيروت سبّاقة على جوارها من الدول في التشريعات المعاصرة حتى القرن العشرين و تجلت الصورة في القوانين التي اعطت للمرأة حقوق لم تكن موجودة في مجتمع شرقي يُعد لبنان واحداً من مكوناته حتى لو كانت خجولة نوعاً ما لكنها كانت البداية التي حفّزت الجوار، اما في القرن الواحد و العشرين يمكننا القول ان الفساد انهك ام الشرائع و ادخلها في غيبوبة مستعصية اذ ان التشريع اصبح مقتبس حرفياً من الجوار الذي سبقها بمئات السنين و ان كان مقتبساً الا انه نجد فيه الكثير من الأخطاء التي دائماً تلزمنا بالرجوع الى النص الأساسي المُعرب و هذا دليل على فقدان الأدمغة التي كانت سبّاقة على مرِّ العصور في الابتكار و القدرة على مماشاة الواقع


بالرغم من كل التطور الذي شهده العالم في السنوات القليلة الماضية و الذي انعكس ايجابياً على بعض الدول لا تزال ام الشرائع و مرضعتها تعاني من عدم قدرتها على الالتحاق بموجت التشريع الحديث و عدم قدرتها على الاستفدة منه

بصريح العبارة ان ام الشرائع و مرضعتها كانت منذ آلاف السنين افضل حال بكثير مما تحن عليه اليوم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى