رأي حر

“الخمينيون” ينعمون بالثروة وبقية الشعب الإيراني يعاني

يعاني الإيرانيون بسبب انهيار الريال الإيراني وخفض النفقات بشكل كبير وعدم استطاعتهم تلبية نفقاتهم، لكن هذا الواقع لا ينطبق على كل الإيرانيين، حيث هناك أقلية تنعم بحياة مرفهة.

لولا شبكات التواصل الاجتماعي، التي تمارس عليها السلطة رقابة مشددة، لما عرف ذلك الجانب الخفي من إيران الثرية؛ حيث يتباهى أبناء العائلات الثرية بثرواتهم الضخمة من خلال عرض صورهم على شبكات الإنترنت.

وبالنسبة للشعب الإيراني، فإن ما يحدث يذكرهم بالعائلة الأوليغارشية، التي حكمت إيران قبل ثورة 1979، ويضعهم أمام حقيقة ذلك النظام “الثوري” الذي وعد باستبدال نظام الأوليغارشية بالمساواة والحقوق.

يبدو أن الأوليغارشية لا تزال على حالها، في ظل وجود العائلات الثرية التي ترجع أصولها إلى حقبة البهلوية، والتي تسيطر على ثروة البلاد. والأسوأ من ذلك أن من بين هؤلاء الإيرانيين الأثرياء الذين يتباهون بثرواتهم، أبناء “الثوريين”، ورجال الدين.

ومن الأمثلة على ذلك، ياسمين إشراقي، حفيدة الخميني مؤسس الجمهورية الإسلامية. أثناء زيارتها الأخيرة إلى لندن، تباهت إشراقي بحقيبة يدها، التي تحمل العلامة التجارية دولتشي آند غابانا، بقيمة 3.800 دولار أميركي بعدما نشرت صورة شخصية لها على موقع التواصل الاجتماعي إنستغرام. ثم قامت بنشر صورة سيارة بي إم دبليو فارهة. في حين قامت والدتها، نعيمة، بالدفاع عن ابنتها، إلا أنها انتهت بكشف المزيد عن نمط الحياة المرفهة التي يعيشها الخمينيون.

نعم، هم يعيشون في حي نيافاران الراقي، على مقربة من قصر الشاه، ولكن اعترفت نعيمة قائلة إن “هذا لأسباب أمنية”. وناقضت نعيمة نفسها من خلال زعمها أن الخمينيين يعيشون حياة متواضعة وأنهم ينتمون إلى الطبقة المتوسطة.

ومن بين من يزعمون أيضا أنهم يعيشون حياة متواضعة، مرتضى مرديان سفير إيران لدى الدنمارك. حيث أقام مرديان حفل زواج فخم لنجله في منطقة شهرك غرب في طهران. وتم نشر صور حفل الزفاف على الإنترنت وأغضبت الكثير من الإيرانيين الذين تساءلوا كم يبلغ ما يتقاضاه موظف حكومي ليتمكن من إقامة حفلة بهذه الفخامة؟

وأجرت العروس، أناشيد، مقابلة تدافع فيها عن أسلوب حياة أسرتها “الزاهد”. وفي مقابلة أخرى، دافعت عن سفرياتها إلى الدول الأجنبية وارتداء العلامات التجارية الفاخرة الأجنبية قائلة “لأنه ليست لدينا علامات تجارية في إيران!”.

ويظهر “أبناء الأعيان” الآخرين ازدراءهم للمواطنين الإيرانيين بشكل صريح. حيث يقوم محمد رضا سبحاني، المعروف أيضا باسم ساشا، وهو ابن سفير إيراني سابق في فنزويلا، بنشر صوره على مواقع التواصل الاجتماعي وهو يشرب الشمبانيا في المسبح بصحبة فتاة.

وتظهر صور أخرى له وهو يقود سيارة بوغاتي ويشعل سيجارته بفواتير بالدولار. وفي فيديو أخير على إنستغرام، حذر الناس من أن يكونوا فضوليين بشأن أسلوب حياته الفخم. وقال موجها رسالة لهم “بدلا من أن تحسدني، اكسب المال وحقق ثروة لنفسك. إذا كنت لا تستطيع كسب المال ولا يمكنك كسب لقمة العيش، إذن فاذهب إلى الجحيم”.

ويقدّم القبض على أحمد عراقجي في 5 أغسطس، ابن أخ عباس عراقجي، المفاوض النووي ونائب وزير الخارجية، مثالا آخر على سلوك هذه الطبقة الثرية. ومن المعروف عن عائلة عراقجي أنها عائلة تقليدية متدينة ثرية ترجع أصولها إلى أصفهان، وازدادت ثروتها بشكل ملحوظ في العقود الأربعة الماضية.

وقامت العائلة بالانحياز وأخذ صفوف بعض الأحزاب خلال الثورة للحفاظ على ثروة العائلة. وفي ظل الجمهورية الإسلامية، اعتلت العائلة، التي كانت في الأصل تعمل بتجارة السجاد، مناصب قوية وقيادية.

وفي الآونة الأخيرة، اتخذت عائلة عراقجي خطوة كبيرة للغاية من خلال توظيف أحمد عراقجي (39 عاما) كمدير صرف أجنبي في البنك المركزي، مما أثار سخط العديد من الإيرانيين، حتى أن المدونين الإيرانيين والصحف أيضا أشادوا بشكل هزلي بـ”الجينات الجيدة” لشباب عائلة عراقجي. وقالوا إن جيناته كانت تؤمن له مثل هذا المنصب الرفيع دون خبرة مهنية في نفس المجال.

وتم القبض على أحمد عراقجي مع 12 مسؤولا آخرين في البنك المركزي وتم منع أكثر من 100 مسؤول في القطاع المصرفي من مغادرة إيران. ولم تتضح بعد أسباب الاعتقالات. ومع ذلك، يفترض البعض أن السبب هو إساءة استخدام الوصول إلى معلومات داخلية عن سياسات البنك المركزي لمساعدة الأقارب على شراء الذهب والعملات الأجنبية بأسعار مدعمة وبالتالي تأمين ثروتهم.

ويظل الإيرانيون يراقبون أسلوب الحياة الفاخرة لأبناء وبنات النظام الثوري في صمت مرير، لكن ربما يكون هذا هو الهدوء الذي يسبق العاصفة.

علي ألفونيه – صحيفة العرب

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى