رأي حر

الحشَّاشون بين بري وابن الصباح..

ظهرت جماعة في التاريخ بزعامة حسن بن الصباح الملقب بشيخ الجبل، بالإضافة إلى زعامته المشيخية كان مفكراً وكاتباً وعليماً بالهندسة والحساب والفلك والسحر وأشياء أخرى، وكان الإسماعليون المتأخرون يشيرون إليه باحترام باعتباره أول محرك “للدعوة الجديدة” أي النظرية الإسماعلية.

إبتدأ شيخ الجبل سنة(1092م) في شن حملات انتحارية كان هدفها قتل واغتيال القادة من المسلمين، وكل من يبدي معارضة لمذهب هذه الفرقة والجماعة، يعتبر هو المؤسس الأول لهذه الحركة والجماعة والمشرع لهم باستخدام الحشيش كوسيلة للسيطرة على جنوده مع إيهامهم بوجود جنة سيذهبون لها مباشرة إذا قتلوا في سبيل قضيتهم، وكان هذا الشيخ يعودهم منذ الصغر على تقديسه وأنه بمثابة إلهٍ في الأرض مع تدريبهم على جميع أصناف القتال وفنونه، وبعد بلوغهم سن الرشد يغرقهم بالسهرات ويخدرهم ثم يستفيقون بوجود بنات جميلات بموقع خلاب وبقربه مياه وحدائق فيتوهمون أنهم بالجنة، وبعد تخديرهم مرة أخرى يستفيقون بعد حين على واقعهم المر، وعندها (يجاهدون) في سبيل الرجوع إلى الجنة المزعومة فيعدهم هذا الشيخ بذلك، ولكن يربط ذلك بأن يقوموا بأعمال إنتحارية أو أعمال إغتيال لأعدائه المناوئين له ولحركته..

فرقٌ كبير بين هذا التشريع المحرَّم الذي يستغله فقيه مأجور من أصحاب المنفعة الدينية من أجل الإجرام والقتل والإغتيال ومآرب أخرى، وبين فقيهٍ قانوني يشرعه من أجل أمورٍ راجحة دنيوياً عند العقل والعقلاء من أجل مآرب طبية وإنسانية ومن أجل رفع العوز والفاقة والفقر، وخصوصاً لمنطقة من أشد المناطق حرماناً. لقد فتح الرئيس نبيه بري الباب أمام تشريع هذه “الحشيشة” لأغراضٍ طبيةٍ كونه فقيهاً في القانون، وباعتباره رئيساً لحركة أمل، تلك الحركة المؤمنة والمتدينة والملتزمة بمرجعية الإمام الغائب السيد موسى الصدر، ولأنه مرتبط شخصياً بسلة الأحكام الشرعية وعلى علاقة طيبة وجيدة ومسؤولة وتاريخية مع مرجعية النجف الأشرف، ولأنه مستفتٍ دائماً للمرجعية الحكيمة في المسائل الشرعية،من الطبيعي جداً أن يكون دولة الرئيس قد استفتى الصديق والصدوق الشخصي له سماحة المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم وزعيم الحوزة العلمية في مسألةٍ حساسة وذات علاقة بالموضوعات الشرعية وهي زراعة الحشيشة في منطقة البقاع، من هنا لم نسمع شكوى أو اعتراضٍ من المرجعيات الشيعية، أو من هم تحت سقف المرجعيات من  رجال دينٍ ووعاظ، وهذا ما يدل على أن الرئيس بري قد استفتى عقله أولاً، والمرجعية السيستانية ثانياً، وهذا ما يجعل من الحشَّاشين على مفترق طرقٍ، بين من يستخدم الحشيشة لأغراض في القتل والإغتيال، كما كان شيخ الجبل ابن الصباح، وبين من يستخدم الحشيشة ليدفع عن الناس أسباب الفقر والعوز في منطقةٍ هي أشد المناطق حرماناً، ومن أجل تعزيز الزراعات الهادفة ضمن مسؤولية مباشرة للدولة، لا للعصابات ولا للتجار ولا للمروجين من باعة ما يُفسد الناس في دينها ودنياها.

الشيخ عباس حايك – لبنان الجديد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى