لبنان

” كلن يعني كلن ” (بقلم عمر سعيد)

شعار الثورة اللبنانية ” كلن يعني كلن ”

على الرغم من عاميته وبساطته ، إلا أنه أثار جدلاً واسعا بين اللبنانيين كافة سواء من هم في صفوف الثورة أو من هم في صفوف مناهضيها ، ومنذ اليوم الأول لانطلاقة ثورة ١٧ تشرين ٠١٩ ..

و تحل النون في آخر كلن محل ضمير الغائب هم ، لأن كلن هي كلهم في الفصحى .

ولطالم كان الغائب محط جدل ونقاش في فكر سكان المنطقة ودينهم ، ولغتهم ..
فيقدر الغائب جوازاً في الإعراب ، على خلاف المخاطب الذي ينبغي تقدير وجوباً .

كذلك يحذر الدين من الغيبة والنميمة في الغائب ، ويسقط جوازها ..
ويفرض وجوب نقد الخطأ والإساءة في المخاطب والوقوف في وجهه ، ولو كان سلطاناً جائراً ، والحاكم في لبنان غائب في التنمية مهما حضر ، وحاضر في الفساد وإن غاب .

ولما كان الغائب غالباً ما يحضر سلباً في حياة الناس ، لذا وجب عطف النون أي هم في” كلن ” على الغائب الفاسد حكماً وحتماً ، لا على سواه .

لكل ما ذكرت تأتي دلالات كلن يعني كلن في حق الفاسدين كلهم دون استثناء ، ومن أية جهة صدر فسادهم أو قد يصدر ..

لأن الفاسد ملفوظ في الفكر واللغة والدين والقيم والعادات والأخلاق ، ولا محل له حتى في حياة خاصته من الأهل والأقارب والأصحاب ..
وقد ورد في القرآن ، في سورة عبس تحديداً تأكيد فرار الناس من مسؤولياتهم عن أفعال سواهم من الفاسدين عند المحاكمات :
{يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ ، وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ ، وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ}

إذا شعار ” كلن يعني كلن ” هو في مضمونه وجوهره وتعميمه ، رفض للفساد والفاسدين ، والتعميم هنا هو تعميم خاص بالمفسدين لا بسواهم ..

والصالحون ، هم أولئك الذين ما وهنت إراداتهم ولا أصواتهم ولا أخلاقهم ولا قيمهم عن رفض الفساد ، وإن عاشوا وسطه ، وتحت سقفه ..
فكم من نظيف صالح ، مر في كل المحاولات والتجارب التي ثارت على فسادها البشرية ، شُهد له بالنظافة والنقاء ، وخلده التاريخ لأجل سيرته ، والشواهد كثيرة ..
وكم خيّرٍ نظيف عاش في بلاط فاسد ، وما دنسه فساد ذلك البلاط ..

وقد يقول قائل أن الصالح لا يقيم في الفساد ، بل يعلن استنكاره ويهاجر ، ونقول أن موسى تربى في حضن فرعون ، ويوسف عاش في بلاط عزيز مصر ، وقد توفي أبو ايوب الأنصاري وهو يقاتل ضمن جيش يزيد بن معاوية ..

وكثير من الصالحين أبى أن يتهرب من مسؤولياته ورسالته ، ليظل في الأرض ملح الأمل والخلاص مهما تأخر التغيير .

لذلك ” كلن يعني كلن ” شعار يطال كل فاسد ومفسد ، ليفسح الطريق أمام الصالحين ليرثوا الأرض ، كما ورد في القرآن :
(وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ) ..
ولنضع خطين تحت كلمة ” الصالحون ” ، لدلالاتها التي تتعدى قضية الدين والتدين .

فلن يستفز شعار ” كلن يعني كلن ” صالحاً
فلطالما انتظر الصالحون ، وفي أية جهة انتموا إليها ، أن تأتي الثورة لتحرر كاهلهم من كل عبء ألقي عليه ، ولتجمهم بالصالحين في الوطن .
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى