لبنان

وحدة لبنان هي ضمانته وأمانه، لا تحالفات الأقليات ولا اللقاءات المشرقية..

مشروع تحالف الأقليات، او الفكرة/ المغامرة التي تراود فلك إيران المسيحي اللبناني، ليست وليدة البارحة، ولا خطرت بالأمس القريب في ردهات الكرملين بين أولويات ورؤية الرئيس عون، ولا هي مُستَجَد حفّزته ظروف قسرية تحت وطأة فورات تطرّف وتعصّب تعصف في الجوار، وتزدهر انتشاراً حول العالم وبين مجتمعات زخرفتها الهجرة واللجوء مؤخراً، وأصابها رهاب المُختَلِف الآتي من بُعدٍ أخر على كوكب لم يُكتَشَف بعد، ومعه استيقظت عنصرية طال دفنها في الذاكرة الخلفية للدول المُتقدّمة والمُتحضّرة، وشعوب حقوق الإنسان، على ذمة الرواة..
ورغم أن الزمن الراهن، ومع ما بات يعج في يوميات وسائل الإعلام من أنهر دم، وآلات قتل تختلط بالآمنين، وتعتدي على بيوت الله وسلام البشر والحجر، ما يُحصَد اليوم ليس بطارئٍ، ولا نتيجة مرحلة بتوقيت مباشر، إنما تراكم عبر تاريخ طويل من سيناريوهات متقلبة تُفَعّل سلسلة صواعق التفحير حيث الإمكانية، والساحات خصبة، ومطلوبة، وغب الحاجة في لحظة حسم.
نظام ظل عالمي يتحكّم بمصير الكوكب، نظام ظل موّحد، تُحَرّكه أنظمة مصالح مشتركة، تختصر الحدود بين الدول بتنظيمات فقر وحقد وموت، تزرعها لتحتكر الخوف ومشاهد الرعب، التركيبة أخطر من أن تخوضها بعبدا الى جانب موسكو، وأبعد من حارة حريك وميرنا الشالوحي، واللقاءات المشرقية، وولدنة ساعٍ لإرثٍ لا تعنيه التكلفة، ولا يهمه مَن يدفع الأثمان بأحجامها وتداعياتها وتعداد الضحايا.
لا العناوين السياسية في لبنان تدعو الى الطمأنة، ولا وجهتها، وإن كان كل فصيل من فوق منبره يدّعي أن لبنانه وأجندة ارتباطاته بألف خير..
وبمعزل عن التطورات الرجراجة والمتقلبة في المنطقة، لاشك أن الضرورات باتت سيّدة القرارات والمواقف والتحالفات، وأن المعابر الآمنة التي تتقاطع رغم المسافات، أصبحت تُشَكّل أولى أولويات جداول أجندات الأفق المطل على محاور العقوبات، وأمام ارتفاع منسوب إمكانية خوض المواجهة، ومع الخَيارات الأقرب الى المستحيلة، او شبه المعدومة، أضحت هكذا تجمعات، او تكتلات، توَفّر بشكل او بآخر عامل توازنات ممكنة/ رديفة، لمقاعد التفاوض على طاولة موازين القوى الإقليمية.
الورقة اللبنانية لاتزال مؤثرة في يد طهران، وضربة معلّم في يد النظام السوري، يُمكن استخدام مفاعيل أزماتها واختلافاتها وتعدديتها، والوطن الرسالة، وما ينسحب من خلالها على مشهد شراكة النفوذ الروسي العابر للجوار والحوار والأديان.
هذه الترسيمة، او هذا المنطق الإنفصالي، بظاهره الناعم، والأشرس من الباطن، قد يؤَسّس لشريط أحداث وحروب مستدامة لا استثناءات لتداعياتها، ولا شروط، ولا التزامات، قطار بزنار تقسيمات شاملة، يخترق خارطة أمم متناحرة من الوريد الى الوريد.
لبنان بجغرافيته وديموغرافيته، وعلاقاته ودبلوماسيته المنفتحة على العالم، قبل أن تتحوّل الى دبلوماسية مقاومة، لا يحتمل هكذا تحالفات ولا هكذا لقاءات، أضعف الإيمان في خطورتها أنها سجن تحت سماء مفتوحة.
مغامرة/ مؤامرة لابد من نسفها، وحدة لبنان ضمانته وأمانه..

طوني أبو روحانا – بيروت اوبزرفر

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى