تحت المجهر

الثورات الثلاث ، والتنازلات الإيرانية (بقلم عمر سعيد)

ما عاد الملف النووي الإيراني سلاحاً فعالاً لاحداث اختراقات مهمة لصالح الدولة الماجوسية..

هذه الدولة التي اعتمدت القوة أسلوبا وحيداً لبناء نفسها ، إذ دخلت حرب السنوات الثمانية ضد العراق وهي لم تكن قد أعادة ترايب وضعها الداخلي بعد ثورتها ..

بعد هزيمتها أمام العراق ، عادت لتستثمر في السلاح العدواني عبر اليمن والبحرين و عراق الحكومات الطائفية ولبنان وسوريا..

سقطت إيران بسبب نظامها الديني المتطرف في الكراهية التي أمنت لها العداوات مع عدد لا يستهان به من شعوب المنطقة و من دول العالم ..

حتى بلغ الامر بها استرضاء أدواتها وحلفائها بالمال على حساب شعبها الذي راح يقدم و في أعجز حالات انتفاضاته آلاف الشهداء ..

لم تقدم إيران للعراقيين إلا حكومات طائفية تستبيحهم مالاً ودماً وثقافة وانتماء .

ولم تقدم لليمنين إلا فئة من القتلة الذين كلفوا بلادهم العداوات القبلية و مع أقرب جيرانهم واهلهم الذين يتشاركون معهم النسب الضارب الاف السنين في التاريخ.

ولم تهب السوريين إلا كراهية و تشرداً وقتلى بالملايين ، وأغرقت النظام في سوريا بالعجز والديون التي سيظل تحت وطأتها عقودا في أقل تقدير .

وفي لبنان تركت الدويلة تسلب الدولة طائفيا واقتصاديا ، وتهدد بالسلاح المواطنين ، فتغتصب حقوقهم وتعطل مسيرة دولتهم لسنوات وأحلامهم .

غير أن السلاح الإيراني بأيدي هذه العصابات ، فقد أثره ومفاعيله ، أمام صراخ الناس ضد الفساد الماجوسي في الأرض ، وما عاد يشكل رادعا فعالاً ، يحول بينهم وبين الساحات والشوارع .

وبدأ التراجع الإيراني يظهر للعلن ..
١٨٠٠ قتيلا في ثورة تشرين الايرانية .
وقرابة ٥٠٠ شهيد في ثورة تشرين العراقية ، وقرابة ١٠ شهداء في ثورة تشرين اللبنانية ..

هذه الأرقام كشفت عن القاسم المشترك بين الشعوب التي نزلت تصرخ الشعب يريد اسقاط النظام ..

فأسقطت دماء الشهداء وصراخ الثائرين النظام الفاسد جدا في بغداد وكشفت عن عوراته الاقتصادية والاخلاقية

وفي لبنان أسقطت ثورة تشرين الحكومة وعددا من الأسماء التي طرحت للتكليف ، وتحت سطح هذا السقوط الذي لا يروي عطش الثوار ، سقط النظام برمته اقتصاديا، وأخلاقيا وقيمياً ، وما عاد عند الناس أية حسابات للسلاح الفارسي ولا لزعمائه وحلفائهم.

وفي إيران سقط النظام الاسلامي في الخوف والهروب إلى الأمام بمزيد من الدماء والظلم ، لستر فساده وسرقاته ومظالمه بحق شعبه منذ قرابة النص قرن .

والقوى العالمية تراقب وتؤيد مطالب الثورات ضد إيران ، وإن لم تلب تأيداتها طموح الناس في الشارع، غير انها تكفي لتثير هواجس السلطة في إيران ، وتدفعها إلى البدء بالتراجعات التكتيكية .

ستكون في العراق دولة ترضي الثائرين .
وفي لبنان ستبلغ التنازلات مستوى ملحوظاً يظهر في مزيد من انفلات قبضة حزب الله خاصة في ملف تشكيل الحكومة، والصراعات الداخلية في بيئته الحاضنة ..
كل هذه التنازلات ستكون لأجل حماية نظام ولاية الفقيه في إيران .

غير أن كافة المؤشرات تقول: إن النظام في إيران بات اعجز مما يتوقع الكثيرون ، وما عاد قادراً على اعادة انتاج نفسه ، ولا تسويق شرعيته عالمياً.
وبالتالي ستشهد ثورة إيران مزيداً من التصعيد ، يقابله ظهور مزيد من التصدعات في سلطة الخامنئي .

ستطول الأزمة نوعاً ما ، وستقدم إيران التنازلات بشكل تدريجي .
دون أن تثني هذه التنازلات إرادة الدول الضاغطة عن مطالباتها بالمزيد من التنازلات . الأمر الذي سيجعل الثورة الإيرانية أعظم أحداث العالم في العقد الثالث من القرن الحالي .

عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى