لبنان

السفارات تتواصل مع مؤسسات حكومية في أوروبا والأمم المتحدة لوضع برنامج للمرحلة المرتقبة

يقف لبنان على حافة الهاوية من دون أن يلوح في الأفق ما يوحي بالتفاؤل بشأن المرحلة المقبلة، وذلك بسبب تفاقم الأزمة المالية والاقتصادية بشكل غير مسبوق، لا سيما أنها طاولت المصارف التي تعاني من شحّ في السيولة وشح أيضاً بالدولار الأميركي في الأسواق. وفي ظل الوضع المعيشي الصعب بدأ حديث عن انهيار منظومة الأمن الاجتماعي والغذائي، ما دفع عواصم غربية إلى بحث كيفية إرسال معونات إنسانية وغذائية إلى لبنان.

ومع استمرار الوضع على حاله ينظر اللبنانيون إلى صورة قاتمة مالياً وإنسانياً في حال استمرار فشل طبقته السياسية وارتسام ملامح معيشية أسوأ مما عاشوه في زمن الحرب، وسط معلومات عن تواصل سفارات في لبنان مع مؤسسات حكومية في أوروبا والأمم المتحدة لوضع برنامج للمرحلة المرتقبة.

كما تداول ناشطون على مواقع التواصل صوراً لناشطين حزبيين، يقدمون معونات ومساعدات إلى محتاجين في مناطق لبنانية عدة. وحملت علب المساعدات شعارات الأحزاب التي توزعها، فيما ارتدى الحزبيون شعارات أحزابهم على صدورهم للإشارة إلى الجهة المقدِمة، ومن بينها شعارات “حركة أمل” و”الحزب التقدمي الاشتراكي” و”القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” و”تيار المستقبل”.

“القوات” سند اجتماعي

في هذا السياق، أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب “القوات اللبنانية” شارل جبور أن “الحزب حريص كل الحرص على الجانب الاجتماعي المعيشي للمواطن”، مشدداً على أنه “لا يمكن للأحزاب السياسية أن تحل محل الدولة أو تقوم بعملها. ولذلك عبّرت القوات اللبنانية منذ عام 2016 عن خشيتها على الواقع المعيشي والاجتماعي، فهي كانت تؤكد في أكثر من محطة ضرورة الالتفات إلى البُعدين الاقتصادي والإصلاحي وصولاً إلى موقف رئيس الحزب سمير جعجع الاستشرافي قبل اندلاع الأزمة حين طالب بحكومة أخصائيين مستقلين، إضافة إلى رفض القوات لموازنة عام 2019 كونها لم تتضمن الإصلاحات المطلوبة”.

ولفت جبور إلى أن القوات اللبنانية تخشى أن تؤدي الأزمة الحالية إلى مزيد من الهجرة للشباب اللبناني “بالتالي فإن هَمّ القوات الأساسي هو تلافي موجة جديدة من الهجرة تنتج من الوضع الكارثي”. وقال “جندت القوات اللبنانية مسؤوليها ونوابها ومسؤولي المناطق بهدف التواصل مع الناس والنظر إلى حاجات المجتمع، وفتحت مراكزها في كل المناطق ليس فقط من أجل توفير المأكل والملبس وإنما من أجل تلبية حاجات أخرى يجب أن تتوافر وتضمن عدم شعور المواطن بأنه متروك لقدره في ظل سياسة التفقير”، مضيفاً “نحن ذاهبون إلى مزيد من الحالات المأسوية والفقر في مجتمعاتنا، وستبقى القوات سنداً للعائلات والأفراد وستقدم كل الدعم المتاح تحت عنوان عدم السماح بأن تجوع أي عائلة”.

لا بديل عن الدولة

وشدد المسؤول القواتي على “أننا نتكلم عن إمكانات متواضعة لتدعيم الواقع الاجتماعي بفلس الأرملة ومحاولة فرملة الانزلاق الخطير نحو الأزمات المعيشية”، معتبراً أن “الهدف الأساس للقوات هو إصلاح البنية الاجتماعية التي تصدعت وتكاد تسقط بفعل الأزمة الحالية”، لافتاً إلى ضرورة أن تجري عملية الإصلاح الشاملة من خلال الدولة لنقل البلاد إلى شاطئ الأمان.
ورأى جبور أن “القوات اللبنانية وغيرها من الأحزاب تستطيع تقديم مساعدات موضعية مرحلية ولكن الهم الأساس هو معالجة الأزمة الأم انطلاقاً من حكومة اختصاصيين مستقلين”.

استهداف جنبلاط

أما مفوض الإعلام في “الحزب التقدمي الاشتراكي” صالح حديفه علّق على الحملات التي يتعرض لها الحزب في مجال المساعدات الاجتماعية، قائلاً إن “الأمر ليس بجديد، فلا المساعدات والتقديمات من الحزب ورئيسه أمر جديد بل هي مسار طويل تراكمي ومستمر منذ عقود طويلة، انطلاقاً من الدور والقناعة. والحملات والاستهداف أيضاً ليست بأمر جديد، فهي تحاول عبثاً مواصلة التشويه لكنها لم ولن تنجح في وقف المسيرة الثابتة للحزب ولن تستطيع فصل الناس عن هذا الخيار وهذه القناعات إلى جانب (رئيس الحزب) وليد جنبلاط”.
وتابع حديفه أنه “في ظل انعدام أي دور اجتماعي للدولة، كان من الطبيعي أن تُشن حملات التشويه على كل ما يقوم به جنبلاط والحزب، مع أنه ليس أمراً جديداً، لكن الاستهداف يقتضي استغلال ما يجري لتصوير وكأن الناس لا يرحّبون بدور جنبلاط، فيما هو يمضي في تنفيذ المطلوب انطلاقاً من قناعاته ودوره التاريخي السياسي والاجتماعي والوطني، ولا يكترث لحملات التشويه المقصودة”.

خلايا “نحل”

في السياق ذاته، تجري “جمعية فرح” القريبة من الحزب التقدمي الاشتراكي إحصاءات حول نوعية وكمّ الحاجات المطلوبة في المناطق واقتراح كيفية تلبيتها. وتعمل الجمعية على ذلك بدعم كامل من جنبلاط الذي كان قراره منذ سنوات أن تكون “فرح” باباً للعمل الإنمائي والاجتماعي، إلى جانب الدور الذي يقوم به الحزب عبر مؤسساته وفروعه في القرى والمناطق.
وتشير المعلومات إلى أن الفروع الحزبية في المناطق والمؤسسات التابعة للحزب الاشتراكي تعمل كخلايا نحل باستمرار في تلبية المطلوب على المستويات المعيشية والصحية والاجتماعية، لتفادي الأسوأ وتطبيقاً للمقولة السائدة “الناس لبعضها”.

لا للمساعدات الآنية

من ناحية أخرى، أكدت نائب رئيس التيار الوطني الحر للشؤون الإدارية مارتين نجم كتيلي أن التيار بصدد وضع خطة لتحفيز الإنتاج الزراعي والصناعات المحلية وتبادل المنتوجات بين الأقضية، مشيرةً إلى أن الخطة تتضمن ربط المستهلك بمصادر الإنتاج المحلية لضمان الاستفادة للمنتج والمستهلك والتقليل من الاستيراد الخارجي. وأضافت أن “كوادر من التيار ستعمل على التوعية وترشيد استخدام الموارد الطبيعية والمادية، وتدريب المواطنين على كيفية الانتقال من العمل التجاري والريعي إلى العمل المنتج، مشددةً على أن خطة العمل تهدف إلى تمكين الناس من مواجهة الأزمة وليس على تقديم معونة أو مساعدة قد تكون كافية آنياً ولكن غير مستدامة”.

دعم خطط البلديات

في المقابل، يفضّل “تيار المستقبل” وفق مصادره، دعم خطط البلديات في المدن والقرى لدعم الأسر الأكثر فقراً. وكشفت تلك المصادر عن خطة لرئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي لتقديم مساعدات للأسر الفقيرة تبلغ قيمتها نحو 100 مليون ليرة لبنانية وذلك تحسساً من البلدية بالظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها هذه الأسر في ظل الأزمة.
وأشارت المصادر إلى أن “منسقيات تيار المستقبل في مختلف المناطق اللبنانية تقوم بمسح شامل ضمن مناطقها للوقوف إلى جانب المواطنين انطلاقاً من توجيهات رئيس التيار سعد الحريري”.

“دويلة” اقتصادية

أما في المناطق الشيعية، فيبدو الأمر مختلفاً تماماً بحيث تشير المصادر إلى أن الدورة الاقتصادية في تلك المناطق تختلف تماماً عما هي عليه في المناطق الأخرى، مشيرةً الى أن مخازن المواد الغذائية تخضع إلى إشراف مباشر من قبل مؤسسات حزب الله التي تقوم بتزويد السوق ومراقبته عن كثب ومنع استقدام أي بضائع من خارج تلك المخازن بهدف الحفاظ على الكتلة النقدية داخل تلك المنظومة.

وتتابع المصادر بأن حوالى 60 في المئة من البضائع في أسواق الضاحية الجنوبية والبقاع مهربة عبر الحدود الشرقية ولم تخضع للرسوم الجمركية والضرائب ما يحفز مواطنين من خارج هذه المناطق على التسوق فيها كونها أقل ثمناً.

وتضيف المصادر ذاتها أن حزب الله وحركة أمل يديران السوق المالية من خلال مؤسسات مصرفية خاصة أبرزها جمعية “القرض الحسن” التي تستحوذ على الدولار من الصيارفة المحليين والمواطنين وكأنها المصرف المركزي لتلك المنظومة بهدف تأمين الاستيراد الخارجي.

وتشير المصادر الى أن حركة أمل وحزب الله يستبدلان بعض المساعدات المادية التي كانت تُقدم إلى العائلات الأكثر فقراً بحصص غذائية، كما برزت دعوات للعودة إلى الزراعة في مناطق الجنوب والبقاع حيث تم توزيع بذور القمح مجاناً على المزارعين.

طوني بولس – اندبندنت عربية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى