لبنان

تعرف الأرض أهلها / بقلم عمر سعيد

لا يمكن لأحد أن يقرأ ما حصل في الكحّالة إلّا وأن يتوقّف عند ردّ فعل الأهالي الطّبيعي، والّذي لا يختلف في جوهره وشكله وتفاصيله عن ردّ فعل اللّبنانيّين في شويّا.
والقارىء المتروّي لا تعنيه تعليقات أصحاب السّلاح وجمهورهم، الّتي تحاول أن تزجّ الأمر في خانة الصّراع الطّائفي بتاتاً.

إن الّذي استفزّ الأهالي هو التّصرّف اللّا مسؤول والمتهوّر والمشبع بالعدائيّة، بدءاً من سلوك العناصر المرافقين للشّاحنة، انتهاء بزج النّاس وتحميلهم أثمان تحرّكات ومشروع، يؤكّد لهم يومًا بعد يوم بأنّهم في قلب التّهديدات.

فجأة يقرّر الحزب في شويّا أن يدفع براجمة صواريخ إلى ما بين بيوت أهالي البلدة، ويضعهم أمام خيار واحد لا ثاني له، ويجعلهم هم وأطفالهم ونساءهم وبيوتهم وممتلاكاتهم حطبًا لنيران إسرائيل.
حصل الأمر نفسه في الكحّالة.
ولأنً الإنسان يستشعر وبالفطرة مخاوفه من مثل هذه التّصرّفات، أتى ردّ فعل أهالي الكحّالة كردّ فعل أهالي شويّا، حيث تعرّض العنصران إلى الضّرب ومصادرة الرّاجمة.
وأنا بطبعي لا أفضل المقارنات السّلبية، لذا لن أطرح سيناريو لو أنّ سيّارة لقوى مسيحيّة مسلّحة انقلبت في منطقة شيعيّة.
لأنّ هذا النوع من المقارنات مرفوض وتافه جدًا، فخوف الإنسان ليس طائفيًّا.
وأفضل التّركيز على أنّ اللّبنانيّين بغالبيّتهم باتوا غير موافقين على وجود هذا الحزب بسلاحه فيما بينهم.
يحاول هذا الحزب التّعويض النّاتج عن يقينه بأنّه بات مطرودًا بتصرّفات أكثر رعونة وتفاهة، فلا يدع مناسبة إلّا ويعلّق في الشّارع صورًا لرموز فارسيّة منفّرة، ورايات طائفيّة يبالغ في كبرها وعددها بشكل يؤكّد موقع نشرها التّبجّح والعنجهيّة والادعاء والعدائيّة والشعور بالضّعف والنّقص.
كذلك أنا هنا لست بصدد نصح الحزب لتجنيبه مزيداً من التّصدّع في البيئة اللّبنانيّة.
بل إنّي هنا بصدد استقراء الإيجابية المتأتّية عن فائض التّوتر لدى الحزب، والنّاتج ليس عن القوة، بل عن اليقين بأنّ الأمور قد أفلتت من كفّه، وبأنّه ما عاد يملك بدائل تجنّبه ما حصل وسيحصل، لذا باتت الإصبع على الزّناد.

إنّ هذه الأحداث المتنقّلة تؤكّد بداية الانهيار.
وقد يعتقد البعض أنّ التّخلّص من هذه العصابة ينبغي أن يكون بعصًا سحريّة. إنما الواقع يقول أن لا بد من الصِّدام وأثمانه المتراوحة بين الكلمة والموقف والدّماء.
لذا أتت وستأتي ردود الفعل لبنانيّة ومتشابهة في أصالتها.
وبات في لا وعي عناصر هذا الحزب أنّهم مرفوضون، وأنّ كلّ شيء في لبنان بما فيه الأرض يعادي هذه المليشيات الإرهابيّة.
وما إن تتململ الأرض تحت الّذين ينكرونها؛ حتّى تبدأ كلّ الأمور تسير لصالح أهلها الحقيقيّين.
#عمر_سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى