لبنان

طاحونة السلطة تسحق اللبنانيين.. والدولار بـ5000 ل.ل

كتب “أمين القصيفي” في “موقع القوات اللبنانية”:

كما أن كل الطرقات تؤدي إلى الطاحونة التي تطعم خبزاً وخيراً، كذلك قرارات السلطة الحاكمة الهمايونية وطرقاتها، لكن بشكل معاكس، تؤدي إلى مزيد من التدهور وطحن اللبنانيين وتجويعهم. وقد يكون أوضح دليل على ذلك، بحسب مصادر اقتصادية ومالية، القرارات العشوائية التي اتخذتها وتتخذها على صعيد ضبط سعر صرف الدولار ووقف تدهور الليرة اللبنانية.

 

وتقول المصادر ذاتها، لموقع القوات اللبنانية الإلكتروني، إن “الحكومة، والسلطة عموماً، تحاول أن تغطي فشلها عبر حرف الأنظار عن المطلوب من إصلاحات فعلية ومكافحة جدية للفساد، سواء انطلاقاً من المصلحة والمسؤولية الوطنية أولا أو تلبية لمطالب صندوق النقد الدولي والدول المانحة لتقديم المساعدات إلى لبنان ثانياً”.

وتشير إلى أن “الأسلوب الأمني المخابراتي الذي تعاطت به السلطة، ولا تزال، مع موضوع شح السيولة وارتفاع سعر الصرف، يؤكد أننا لا نزال ندور في الحلقة المفرغة ذاتها، كمن يلحس المبرد من دون الدخول إلى المعالجات الجدية”.

وتلفت إلى أن “الأسواق المالية لم تشهد بعد عمليات اعتقال الصرافين المرخصين مثلاً وإقفال شركات صيرفة وختمها بالشمع الأحمر، أي تبدل يذكر على سعر صرف الدولار الفعلي. واستهداف الصرافين المرخصين الذي دفعهم إلى إعلان الإضراب والتوقف عن العمل قرابة الشهر، أدى عملياً إلى انفلات حركة السوق السوداء والصرافين غير المرخصين وبقي سعر الصرف على حاله ما فوق 4000 ليرة لبنانية للدولار الواحد”.

وإذ لا تنفي المصادر الاقتصادية والمالية “وجود من يستغل الوضع ويتلاعب بسعر الصرف لتحقيق أرباح إضافية”، تشدد على أن “ذلك لا يعني الموافقة على التسويق الساذج للسلطة بأن الصرافين يتحملون مسؤولية التفلت، وتوسُّل الوسائل الأمنية لإيجاد الحلول للأزمة”.

وتسأل، “منذ الأربعاء الماضي، تاريخ عودة الصرافين المرخصين عن إضرابهم بعد الاتفاق مع رئيس الحكومة وحاكم مصرف لبنان على الالتزام بتنفيذ خفض سعر الدولار إلى 3200 ل.ل تدريجياً في خلال أسبوعين، ما الذي تبيَّن؟ الواضح أن هذه المحاولات باءت بالفشل”. وتوضح أن “نقابة الصيارفة تحدد منذ الأربعاء الماضي السعر اليومي للصرف، وتستهدف خفض سعر الدولار يومياً بمعدل 50 إلى 100 ل.ل. وحتى أمس الثلاثاء، كان سعر النقابة المحدد 3890 ل.ل للشراء كحد أدنى، وللبيع 3940 ل.ل كحدّ أقصى. لكن ما يجري على أرض الواقع مختلف تماماً”.

وتؤكد المصادر الاقتصادية والمالية، أن “حركة بيع الدولار للصرافين المرخصين من قبل المواطنين بطيئة بسبب امتناعهم عن تصريف دولاراتهم بالسعر المحدد من قبل النقابة إلا للضرورات القصوى، لعدم ثقتهم بإجراءات الحكومة. ولا يمكن التعامي عن الانطباع السائد لدى الناس، من أن ما يحصل عبارة عن محاولة جديدة من قبل السلطة لسلبهم دولاراتهم المنزلية، بعد الحجز على دولاراتهم المصرفية التي أصبحت ربما في خبر كان كما يخشون”.

وتشير إلى أنه “في المقابل، حركة بيع الدولار خجولة إلى شبه معدومة من الصرافين المرخصين لطالبيه، من التجار وأصحاب المحلات والمهن الحرة على اختلافها. فالصرافون يتحفظون على دولاراتهم القليلة لتلبية أهم زبائنهم”.

وتضيف، “هذا ما أدى عملياً إلى انتعاش السوق السوداء من جديد، فالسعر الفعلي للدولار هو الذي يتداول به في الأسواق الموازية، وبلغ مساء أمس الثلاثاء في السوق السوداء 5000 ل.ل، ولا دولارات. وكما يقول المثل (يلّي عايز النار بيكمشها بإيديه)، ومن يحتاج الدولار لتسيير أعماله يدفع السعر مهما كان”، مشيرة إلى أن “إقفال بعض الصرافين المرخصين لمحلاتهم في عدد من المناطق نتيجة هذا الوضع، بعد ساعات الصباح الأولى من بدء أعمالهم يوم أمس، مؤشر خطير”.

وتشرح المصادر أن “حركة الاستيراد شهرياً تبلغ حوالي 600 مليون دولار بعد انخفاضها بفعل الأزمة المالية وترددات كورونا. وحركة السوق الطبيعية ومصرف لبنان والصرافون المرخصون يؤمّنون حوالى 200 مليون دولار شهرياً من المطلوب، فمن أين تتأمَّن الـ400 مليون دولار تقريباً الباقية؟ من السوق السوداء طبعاً”.

وتقول، “مع عدم ضخ الدولار من قبل البنك المركزي بسبب احتياطاته التي بلغت مرحلة حرجة والتضييق على الصرافين وتحديد حركتهم، بات كل مواطن صرافاً، ويتحكم بالسعر بيعاً وشراء بحسب العرض والطلب، كما هو أساساً منطق السوق الذي تتعامى السلطة عنه، أو تتذاكى لتبرير عجزها. بالإضافة إلى أن دعم مصرف لبنان لاستيراد بعض المواد الأساسية والغذائية لا يغطي سوى نحو 20 إلى 30% من السلع في أحسن الأحوال، فيما دولارات الـ70% الباقية من السلع المستوردة تؤمَّن من الصرافين المرخصين وغير المرخصين بسعر السوق”.

وترى المصادر ذاتها، أن “المرحلة المقبلة لا تدعو إلى التفاؤل للأسف، خصوصاً في ظل ما بدأ يرشح مع بدء تطبيق قانون قيصر لمحاسبة النظام السوري والمتعاونين معه في دول الجوار ومن بينها لبنان، فيما يسجل منذ الخميس الماضي انهيار غير مسبوق لليرة السورية إذ وصلت إلى نحو 3300 ليرة سورية مقابل الدولار الواحد”.

وتلفت إلى أن “عقوبات قيصر ستطاول حلفاء للنظام السوري في لبنان، والشركات والمصارف اللبنانية التي تتعامل مع الأسواق السورية تحت المراقبة وليست بعيدة عن دائرة الخطر، في ظل مشاريع تبحث في واشنطن لوقف المساعدة الأميركية إلى لبنان والدول التي تخضع لسيطرة إيران في الشرق الأوسط”.

وتؤكد المصادر الاقتصادية والمالية، أن “صندوق النقد الدولي والدول المانحة، خصوصاً الأوروبية والعربية، تبلغ تكراراً الحكومة المتخبطة والمحجمة عن الإصلاحات الفعلية كلاماً واضحاً، على الرغم من حرصها على لبنان: لن تدخل الدولارات إلى لبنان في ظل استمرار النهج المتَّبع، وأنتم من يتحمَّل مسؤولية وضعكم. بالتالي سيبقى سعر صرف الدولار في السوق السوداء هو الفعلي، والخوف من ارتفاعه أكثر من 5000 ل.ل في المرحلة المقبلة”.

وتضيف، “الجميع ملَّ من ترداد أسباب ارتفاع سعر الدولار وبات أي مواطن يدركها: الدولار شحيح في لبنان، ولا دولارات جديدة تدخل إلى البلاد في ظل الحكم القائم الواقع تحت سيطرة حزب الله المشتبك مع الدول المانحة. وكذلك بفعل الأزمة الاقتصادية العالمية ربطاً بأزمة كورونا وانعكاسها على الاستثمارات الخارجية وانخفاض تحويلات اللبنانيين من الخارج، وبالأخص، بسبب فقدان ثقة العالم والمغتربين اللبنانيين بالسلطة الحاكمة، التي بدَّدت أموال المساعدات وودائع المصارف لتمويل فسادها من دون تنفيذ أي خطوة إصلاحية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى