تحت المجهر

لمَ تنمو مواسم القوات في الوقت الذي تقحط فيه مواسم سواها؟ (بقلم عمر سعيد)

لمَ تنمو مواسم القوات في الوقت الذي تقحط فيه مواسم سواها؟

كان لي جار فلاح يعرفه اهل بلدتي بأبي نزيه ..

كان مزارعا لا يكل ولا يمل ، يوقظ الشمس كل صبح وهو يكشف التراب في حقوله وبساتينه عن جذور مزروعاته ، ويغفيها على أوراق اشجاره التي كان يفليها بأكفه كما لو انها شعر بناته الصغيرات قبيل الخروج إلى مدارسهن ..
رزقه الله بجهده وجده من كل ما وضع كفه فيه من الابقار والتراب والنبات ، فعاش ومات على الحلال ..
كنت أجالسه يوما ، فلفت انتباهي عمق التشقق في كفيه واسوداده ..
فأمسكت كفه وكلمته قائلا : الله يعافيك يا جار ، ارحم جسمك !
فرد علي : يا أستاذ عمر .. أنا أحق بكفي من الدود !
وصمت أبو نزيه .. رحمه الله ..
وأنا أراقب مقاطع الرفاق في القوات اللبنانية ، تلك التي ترد من مؤتمرات هذا الحزب من هنا وهناك في العالم ، وارى كيف تنمو أعداد المنتسبين إليه .. تذكرت جاري ابو نزيه له الرحمات ..
إن الذي جعل القوات في هذا التنامي هو أن الرفاق فيها أدركوا حكمة أبي نزيه ، وعرفوا أنهم أحق بأكفهم من الصابون والعطور والفشل ، فنزلوا يحرثون حقول السعي ومزارع الامل ..
فنبتت قواتهم في فراغات الحيطان الحجرية القديمة ، ونمت في تشقق الصخور أينما سقطت ارادتهم وعرشت على جدران الكنائس والمساجد إيمانا لا يزيغ .
وتسامى ساق زرعها في كل حقل وعلى ضفاف كل محاولة ..

لأن الصدق في العمل والحب والانتماء ثماره الاكثر جودا وعبر كل المواسم هي المنح والعطاء والبذل في سبيل الحرية و الجمال والخير والأمل والإنسان ..
فتحياتي لأكف القواتيين التي لا يعالج تشققها إلا فازلين العمل والمحاولات الصادقة ..
وتحياتي لأرواح القواتيين وانفسهم التي تنقت من شهوات المصالح الوضيعة، وعلت إلى مستوى الوفرة التشاركية .
وتحياتي لقيادتها التي تجعل الناس يتمنون العمل معها لا العمل عندها .
عمر سعيد

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى