رأي حرلبنانمن هنا وهناك

ملحمة وحديقة عامّة / عمر سعيد

أشجار، وأزهار وطيور، وصبايا وشباب، كلّهم كانوا قوّات.

لم يتأخروا في الحضور، وإن تأخّر مجىء الوطن.

أنطوان زهرا، شرل جبور، زياد حوّاط، رازي الحاج، إبراهيم الصّقر، شربل عيد، شربل عقل، والكثير من الرّفاق، أتوا إلى حديقة جبيل العامّة، أو أنّهم كانوا هناك منذ أن استيقظ اللّون في شواطئها.

المصوّر، والصّوت، والصّمت، والماء، والطّير، والهواء، والحرف كلّهم كانوا أيضًا قوّات.
أما المناسبة فكانت ملحمة السّتة عشر قرنًا من التّاريخ لجو حتّي.
توافدوا جميعهم من كلّ الجهات.

زياد حوّاط يباهى بأشجار حديقته الّتي ظلّلتنا. شارل جبور يفاخر بأبجديّة الموارنة عبر التّاريخ، وبزياد حوّاط الحليف الفعّال. إيلي محفوظ يطالب برئيس يشبه أشجار الحديقة والحضور وجبيل واللّبنانين المؤمنين به.

وتحوّل المكان إلى ما لا يمكنك التّملّص منه: لبنان الّذي نتمنّاه في الغربة والإقامة.

جبيل التّاريخ، تحكي تاريخ بلد، صنعه مقاومون؛ حرثوا السّهل، ونحتوا الجبل، وسرحوا بقطعان ماعزهم في كلّ مراعي الجوع، والحرمان، والنّضال، وما وهنوا، ولا حزنوا.
فكان هذا الوطن، الّذي إن اضطرّنا، سنعود إلى قطعاننا ومحراثنا، ولن نتخلّى عنه.
وبين أوراق أشجار زياد حوّاط، وأوراق ملحمة جو حتّي كانت الحكاية.
حكاية بلد لا يملّ الموت والقيامة، كمسيحه الّذي لا يملّ الحبّ مهما طال زمن تعليقه على الصّليب.

أمّا أنا ومن معي من أهل، فقد قضينا وقت التّوقيع ضحايا المقارنة بين هنا وهناك.
وقد كانت مشكلتنا أننا نتمنّى الهنا، ونشتهيه ونحبّه، ونأسف لحال الهناك، الّذي لا طاقة لنا على واقعه المتلاشي، ولا على تغييره، ونحن خونته. ومن عادة الهناك ألّا مكان فيه للغراب الّذي لا يشبه أهله، وأنا ذاك الغراب.

جبيل الّتي لا ينذر المايو فيها أهلها بجحيم وأسفل سافلين، هي نفسها جبيل الّتي ينبت الحرف على صخور معابدها وكنائسها وجوامعها وسمائها آيات معرفة ونجوم ضوء.
وإلى يميني نحّاتها العالمي بيار كرم، يصافحني بكفّ تنحت آلهة، لا زال مؤمنوها على الطّريق يصلّون.

أصدقاء ورفاق حوّلوا غروب ذلك اليوم إلى فجر وأمل.
سيمون بو رعد، أنيس طربيه، حنان عيسى، لميتا الدويهي، كرستين بلّان، جون سعد، نجاة الجميل، ميشال شمّاعي، پول، روبير، طوني، وكثير من الأسماء الّتي اتسع حضنها للقائي، وضاق صدري لفراقها.

مبروك لك جو حتّي ملحمتك. مبروك للحاضرين هذا العيد.
مبروك لجبيل كاسها وكل تلك النّخب.
وشكرًا لحزب القوّات اللّبنانية الّذي يتقن الحبّ والحرف والأرض والشّهادة والسّير إلى الوطن.
عمر سعيد

ملاحظة: معظم الّذين حضروا دفعهم حب اللّقاء، ولم تلزمهم دعوة خاصّة.
وهذا أبرز ما يميز القوّاتيّين وأهل الهنا عن الهناك.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى