تحت المجهر

التشكيـلات القضائيـة صحيحـة وقانونيـة ونافـذة.. وبيان مدير القصر الجمهوري مخالف للدستور

بقلم المحامي الدكتور نقولا فتوش

إن الكلمـة الطيبـة تحمـل الأذيـة إذا جـاءت في غيـر موضعهـا فكيـف اذا كانـت خارجـة عن الأصـول واللياقـة والدستـور والقانـون.

إن صلاحيـة التشكيـلات القضائيـة تعـود لمجلـس القضـاء الأعلـى وقـد وافقــت عليهـا وزيـرة العـدل، ووزيـرة الدفـاع، ووقـع مشـروع المرسـوم من الـوزراء المختصيـن ودولـة رئيـس مجلـس الـوزراء.

بتاريـخ 9/6/2020 نشـرت الوكالـة الوطنيـة للإعـلام رد فخامـة رئيـس الجمهوريـة مشـروع مرسـوم التشكيـلات والمناقـلات القضائيـة وقـد جـاء رد الرئيـس عـون في كتـاب وجهـه المديـر العـام لرئاسـة الجمهوريـة الى رئيـس مجلـس الـوزرا الدكتـور حسـان ديـاب بواسطـة الأمانـة العامـة لمجلـس الـوزراء.

“بعد التحيّة،
“بنـاءً علـى توجيهـات فخامـة رئيـس الجمهوريّـة العمـاد ميشـال عـون، أتشـرّف بإبلاغكـم “ملاحظـات فخامتـه علـى مشـروع المناقـلات القضائيّـة، مـع التمنـي بإبلاغهـا مـن الـوزراء “المعنييـن علـى سبيـل الاطـلاع والاعتبـار، ومـن دون أن تؤسـس علـى هـذا الكتـاب أيّ سابقـة “دستوريّـة بمعـرض امتنـاع فخامـة الرئيـس عـن توقيـع أيّ مرسـوم عـادي يخضـع إصـداره “بتوقيعـه إلـى تقديـره المطلـق عمـلاً بأحكـام الدستـور.

فالتوجيهـات توجـه من الرئيـس التسلسـي الى الموظفيـن ورئيـس الحكومـة والـوزراء ليسـوا بموظفيـن فقـد أصبحـوا بعـد تعديـل الدستـور عـام 1990 تنـاط بهـم وبمجلـس الـوزراء السلطـة التنفيـذ بـه أي أصبحـوا هـم الحكـم وليسـوا بامنـاء سّـر.

ورئيـس الحكومـة هـو رئيـس السلطـة التنفيذيـة ولا يخاطبـه مديـر عـام بكتـاب يتضمـن تقريعـاً وإنتقـاداً وتوجهـات متجـاوزاً لكـل الأعـراف الدستوريـة والقانونيـة.

ورد في البيـان مـا حرفيتـه:
“ومـا من شأنـه أن يحفـظ هيبـة المرجعيـة القضائيـة العليـا التـي، وأن تتمتـع بالشخصيـة “المعنويـة يبقـى أنهـا تدبـر سلطـة نحـن بأمـس الحاجـة اليهـا.

صحيـح أنهـا ليسـت شخصيـة معنويـة ولكنهـا سلطـة ويقتضـي التعامـل معهـا تحـت مبـادئ فصـل السلطـات وكيفيـة التخاطـب فيمـا بينهـا.

وهنـاك الكثيـر من الأمـور الـواردة في البيـان غيـر محلهـا ومكانهـا وخارجـة عن الأصـول ولا تستحـق الـرد.
وعليـه،

المديـر العـام للقصـر الجمهـوري لا صفـة لـه ولا أهليـة ولا صلاحيـة لتوجيـه كتـاب يتضمـن توجيهـات بعـد أن إمتنـع فخامـة الرئيـس عـن توقيـع مرسـوم التشكيـلات القضائيـة.

والإقتنـاع يتأتـى عـن مخالفـة قواعـد الصلاحيـة، إذا لا شرعيـة خاصـة يطلـق عليهـا إسـم عـدم الصلاحيـة وهـي إحـد العيـوب الخطيـرة التـي تشـوب العمـل أو القـرار الإداري فتفسـده.

ولهـذا العيـب شكـلان:
– أولهمـا يتثمـل في إغتصـاب السلطـة الـذي يعنـي إتخـاذ قـرار إداري بمعـزل عـن أي صفـة شرعيـة أي يتدخـل أشخـاص غربـاء تمامـاً عـن الوظيفـة العامـة، في شـؤون هـذه الوظيفـة، بإنتحالهـم صفـة الموظـف العـام. ويعتبـر أيضـاً إغتصابـاً للسلطـة تدخـل سلطـة إداريـة في موضـوع يدخـل ضمـن إختصـاص السلطـة التشريعيـة أو السلطـة القضائيـة، … وحتـى أيضـاً تدخـل من يعـود لـه تنفيـذ قـرار إداري في مهـام سلطـة تقريريـة.

– وثانيهمـا يتمثـل في عـدم الإختصـاص الـذي يعنـي تدخـل سلطـة إداريـة في صلاحيـات سلطـة إداريـة أخـرى.

ومن البديهـي القـول بـأن الشكـل الأول هـو بحـد ذاتـه أخطـر من الثانـي وذلـك لعـدم توفـر أيـة علاقـة لا من قريـب ولا من بعيـد، بيـن القـرار وبيـن متخـذه. هـذا وتضمـن البيـان عبـارة “التوجيهـات”

فمـن المتعـارف عليـه في القانـون الإداري أن هـذا النـوع من التدخـل، في أوامـر الخدمـة والتعاميـم التـي يوججهـا الرئيـس الى مرؤوسيـه محـدداً لهـم مـا يجـب أن يكـون عليـه موقفهـم وتصرفهـم في مواجهـة قضيـة معينـة، ومن حيـث المبـدأ ينبغـي على المرؤوس أن يتقيـد بهـذه الأوامـر. علمـاً أن الوزيـر يديـر شـؤون وزارتـه وفـق المـادة 66 ولا يتلقـى توجيهـات علـى صفحـات الإعـلام خاصـة وإن كـان مشوبـاً بعـدم الشرعيـة.

فمصـادر الشرعيـة، نظـام تسلسلـي مـؤاده إخضـاع أجهـزة الدولـة بعضهـا للبعـض الآخـر. ويعتمـد بهـذا الشـأن المقيـاس العضـوي، أي أنـه، لتصنيـف القواعـد القانونيـة وتحديـد مرتبتهـا، يُنظـر الى السلطـة التـي صـدرت عنهـا القاعـدة: فالدستـور يعلـو القانـون، والقانـون يعلـو المرسـوم، والمرسـوم يتقـدم علـى القـرار الـخ… وعلـى هـذا الأسـاس يكـون التسلسـل العضـوي الآتـي:

– المشتـرع يتقيّـد بأحكـام الدستـور.
– رئيـس الجمهوريـة ورئيـس مجلـس الـوزراء ومجلـس الـوزراء يتقيّـدون بالقانـون والدستـور معـاً.
– الوزيـر يتقيّـد بالدستـور والقانـون والمرسـوم…

وهكـذا تبـدو الشرعيـة الإداريـة بمثابـة شـلال منتظـم حيـث الأعمـال الإداريـة التنظيميـة تخضـع للشرعيـة وتعتبـر مصـدراً للشرعيـة في آن.

ثابــت بكتـاب مديـر عـام القصـر الجمهوري أن فخامـة الرئيـس إمتنـع عن توقيـع مرسـوم التشكيـلات القضائيـة أي عن القيـام بمـا يجـب.

أولاً: مبـدأ الشرعيـة والعمـل الإيجابـي (Légalité et action positive)

من البديهـي القـول بـأن مبـدأ الشرعيـة يقيّـد الإدارة، قبـل كـل شـيء، في سيـاق ممارستهـا الإيجابيـة لصلاحياتهـا وذلـك بفـرض إحتـرام الأعمـال الإداريـة للقواعـد التـي تتكـون منهـا الشرعيـة.

ومن البديهـي القـول أيضـاً بـأن هـذا القيـد يضيـق أو يتسـع بقـدر مـا تتـرك القاعـدة القانونيـة المعنيـة، أو لا تتـرك، مجـالاً لـلإدارة لإختبـار منهـج في التحـرك والعمـل. وفي هـذا الإطـار بالـذات يكمـن الفـارق الأساسـي بيـن السلطـة المقيّـدة والسلطـة الإستنسابيـة.

ثانيـاً: مبـدأ الشرعيـة والإمتنـاع عـن القيـام بعمـل واجـب (Légalité et abstentions)

لا يقتصـر مفعـول مبـدأ الشرعيـة علـى إلـزام الإدارة بالخضـوع للقواعـد القانونيـة في أعمالهـا ذات الصفـة الإيجابيـة وحسـب، ولكـن من شأنـه أن يلقـي عليهـا أيضـاُ موجـب التحـرك في ظـروف معينـة، وبعبـارة أخـرى يحظـر عليهـا الإمتنـاع عـن القيـام بعمـل واجـب.

وهكـذا:

1- عندمـا يكـون هنـاك نـص صريـح يحتـم علـى الإدارة إتخـاذ تدبيـر معيـن، فمـا من شـك بـأن هـذه الأخيـرة تكـون ملزمـة بإتخـاذ هـذا التدبيـر، ومجـرد رفضهـا لذلـك، يشكـل بحـدّ ذاتـه لا شرعيـة تُعـرض قـرار الرفـض هـذا للإبطـال كمـا تعـرض قـرار الإدارة للمسؤوليـة.

2- في غيـاب النـص الصريـح تُعتبـر الإدارة مبدئيـاً حـرة في تقديـر الموقـف المناسـب الـذي يجـب أن تقفـه. غيـر أن هـذا البـدأ ليـس مطلقـاً، ولنـا أمثلـة كثيـرة بهـذا الشـأن في جعبـة الإجتهـاد، منهـا القـرار التالـي:

– إعتبـر مجلـس الشـورى الفرنسـي أن إدارة الشرطـة إمتنعـت عـن القيـام بمـا يتوجـب عليهـا لمواجهـة موقـف ذي خطـورة خاصـة يهـدد النظـام العـام والسلامـة والصحـة العامـة عندمـا لـم تقـدم علـى إتخـاذ التدابيـر الضروريـة لمواجهـة هـذا الموقـف الخطيـر والحـؤول دون تفاقمـه. وغنـي عـن القـول إن القضـاء إعتبـر هنـا أن إمتنـاع الإدارة عـن إتخـاذ مـا يلـزم من التدابيـر يعتبـر – حتـى في غيـاب النـص – موقفـاً غيـر شرعـي يتوجـب معاقبتـه بإبطـال قـرار الرفـض.
– شـورى فرنسـا 23 تشريـن الأول 1959، دوبليـه، مجلـة القانـون العـام 1959، ص 1253.

3- يتعيـن علـى الإدارة أن تتخـذ التدابيـر التنظيميـة الضروريـة لتأميـن تنفيـذ القوانيـن والأنظمـة، وذلـك ضمـن مهلـة معقولـة وإلا إعتبـر تمنعهـا في غيـر محلـه وتكـون مخطئـة ومسؤولـة عـن خطئهـا هـذا.
– شـورى فرنسـا 13 تمـوز 1951، إتحـاد المحاربيـن القدامـى، مجموعـة 1951، ص 403.
– شـورى فرنسـا 27 تشريـن الثانـي 1964، Dame Vve Renard، مجموعـة 1964، ص 590.

كمـا أن مخالفـة العمـل الإداري للشرعيـة يمكـن أن تحصـل بطـرق مختلفـة.
ويعـود ذلـك الى كـون العمـل الإداري – ككـل عمـل قانونـي – يتألـف من عناصـر عـدة يمكـن أن يكـون أحدهـا، دون العناصـر الأخـرى، متعارضـاً مـع القواعـد القانونيـة.

وهـذه العناصـر التـي تؤلـف العمـل الإداري القانونـي هـي: الإدارة الظاهـرة، الموضـوع، الغايـة، والدافـع. وكـل من هـذه العناصـر يمكـن أن يكـون مشوبـاً بعيـب خـاص بـه، فتظهـر بهـذا الشكـل المظاهـر المتعـددة للاشرعيـة.

في أي حـال، إن كلاّ من هـذه العيـوب يشكـل سببـاً للإبطـال في نطـاق المراجعـة لعلـة تجـاوز حـدّ السلطـة.

1- اللاشرعيـة المرتبطـة بصفـة متخـذ القـرار:
إن ممارسـة إختصـاص معيـن من قبـل مرجـع غيـر صالـح يشكـل المظهـر الأول للاشرعيـة وهـو عـدم الصلاحيـة.

2- اللاشرعيـة بالنسبـة لشكـل القـرار:
أي العيـب الشكلـي الـذي يرتبـط أيضـاً بأصـول التعبيـر عـن الإرادة، وهـو ينتمـي مع عيـب عـدم الصلاحيـة الى فئـة مـا يسمـى أحيانـاً بـ -“اللاشرعيـة العضويـة” أو اللاشرعيـة الخارجيـة مقابـل العيبيـن الآخريـن اللذيـن ينتميـان الى اللاشرعيـة الماديـة أو اللاشرعيـة الداخليـة.

3- اللاشرعيـة المرتبطـة بالموضـوع والسبـب:

وهـي تعنـي أن المرجـع الـذي إتخـذ التدبيـر الإداري لـم يكـن مخـولاً لإتخـاذه، أو أن التدبيـر المتخـذ محظـر بصـورة مطلقـة، أو أنـه لا يمكـن إتخـاذه إلا في ظـروف معينـة وإستنـاداً الى وقائـع لـم تـرَ النـور في الحقيقـة وهـذا مـا يسمـى بعيـب مخالفـة القانـون.

4- اللاشرعيـة المرتبطـة بالغايـة:

وهـي تعيـب العمـل الإداري عندمـا يتخـذ المرجـع الصالـح قـراراً يستوفـي بحـد ذاتـه كـل الشـروط القانونيـة ولكنـه يرمـي الى غايـة غيـر تلـك التـي منحـت الصلاحيـة لأجلهـا. وهـذا ينطبـق عليـه تسميـة الإنحـراف في إستعمـال السلطـة.

بعـد هـذا نكمـل بـأن الدستـور كـرّس القضـاء سلطـة في المـادة 20 منـه:
“السلطـة القضائيـة تتولاهـا المحاكـم علـى اختـلاف درجاتهـم واختصاصاتهـا ضمـن نظـام ينـص عليـه “القانـون ويحفـظ بموجبـه للقضـاة والمتقاضيـن الضمانـات اللازمـة.

أمـا شـروط الضمانـات القضائيـة وحدودهـا فيعينهـا القانـون

والقضـاة مستقلـون في إجـراء وظيفتهـم وتصـدر القـرارات والأحكـام من قبـل كـل المحاكـم وتنفـذ باسـم الشعـب اللبنانـي.

كمـا نصـت الفقـرة هـ من مقدمـة الدستـور علـى أن:
النظـام قائـم علـى مبـدأ الفصـل بيـن السلطـات وتوازنهـا وتعاونهـا.

وعليـه صـدر قانـون القضـاء العدلـي برقـم 153/1982 وتعديلاتـه فنـص في المـادة الخامسـة منـه مع تعديلاتـه لعـام 1985 والتعديـلات اللاحقـة تاريـخ 21/12/2001:
عـدل نـص المـادة 5 بموجـب المـادة 4 من المرسـوم الإشتراعـي رقـم 22 تاريـخ 23/3/1985 على الوجـه التالـي:
بالإضافـة الى المقـررات التـي يتخذهـا مجلـس القضـاء الأعلـى والآراء التـي يبديهـا في الحـالات المنصـوص عليهـا في القانـون والأنظمـة تنـاط بـه الصلاحيـات التاليـة:
أ- وضـع مشـروع المناقـلات والالحاقـات والإنتدابـات القضائيـة الفرديـة أو الجماعيـة وعرضهـا على وزيـر العـدل للموافقـة عليـه.
ب- عـدل نـص الفقـرة (ب) من المـادة 5 بموجـب المـادة 2 من القانـون رقـم 389 تاريـخ 21/12/2001 على الوجـه التالـي:
لا تصبـح التشكيـلات نافـذة إلا بعـد موافقـة وزيـر العـدل.
– عنـد حصـول اختـلاف في وجهـات النظـر بيـن وزيـر العـدل وبيـن مجلـس القضـاء الأعلـى تعقـد جلسـة مشتركـة بينهمـا للنظـر في النقـاط المختلفـة عليهـا.
– إذا استمـر الخـلاف ينظـر مجلـس القضـاء الأعـلى مجـدداً في الأمـر للبـت فيـه ويتخـذ قـراره بأكثريـة سبعـة أعضـاء ويكـون قـراره في هـذا الشـأن نهائيـاً وملزمـاً.
– تصـدر التشكيـلات القضائيـة وفقـاً للبنـود السابقـة بمرسـوم يتخـذ بنـاء على اقتـراح وزيـر العـدل.
– مع مراعـاة أحكـام تعييـن القضـاة الذيـن تلحـظ القوانيـن النافـذة تعيينهـم بمرسـوم يتخـذ في مجلـس الـوزراء، لا يرقـى ولا ينقـل أي من أعضـاء مجلـس القضـاء الأعلـى طـوال مـدة ولايتـه.
ج- تأليـف المجلـس التأديبـي للقضـاة.
د- درس ملـف أي قـاض والطلـب الى هيئـة التفتيـش القضائـي إجـراء التحقيقـات اللازمـة واتخـاذ التدابيـر والقـرارات المناسبـة.
ه- النظـر في طلبـات العفـو الخـاص المقدمـة من المحكوميـن بعقوبـة الإعـدام أو المحالـة إليـه من المراجـع المختصـة.
و- تعييـن لجنـة مؤلفـة من ثلاثـة من أعضائـه للنظـر في سائـر طلبـات العفـو الخـاص.
ز- إبـداء الـرأي في مشاريـع القوانيـن والأنظمـة المتعلقـة بالقضـاء العدلـي، واقتـراح المشاريـع والنصـوص التـي يراهـا مناسبـة بهـذا الشـأن على وزيـر العـدل.

وعليـه يتبيـن أن:

– المـادة الخامسـة نصـت بشكـل صريـح وواضـح علـى أن صلاحيـة التشكيـلات تعـود الى مجلـس القضـاء الأعلـى.
– إن صلاحيـة وضـع مشـروع المناقـلات القضائيـة يضعهـا مجلـس القضـاء الأعلـى.
– مجلـس القضـاء يعـرض المشـروع علـى وزيـر العـدل للموافقـة.
– عنـد حصـول اختـلاف في وجهـات النظـر بيـن وزيـر العـدل وبيـن مجلـس القضـاء الأعلـى تعقـد جلسـة مشتركـة بينهمـا للنظـر في النقـاط المختلفـة عليهـا.
– إذا استمـر الخـلاف ينظـر مجلـس القضـاء الأعلـى مجـدداً في الأمـر للبـت فيـه ويتخـذ قـراره بأكثريـة سبعـة أعضـاء ويكـون قـراره نهائيـاً وملزمـاً.

فمجلـس القضـاء الأعلـى اتخـذ قـراره وفقـاً للأصـول ووافقـت وزيـرة العـدل ووزيـرة الدفـاع ووقـع إقتـراح المرسـوم الحكومـة وأصبـح نهائيـاً بالنسبـة لمـا فصـل فيـه وملزمـاً أي أصبحـت لـه القـوة التنفيذيـة الملزمـة.

وعلـى ضـوء كـل هـذه الوقائـع القانونيـة والصريحـة تصـدر التشكيـلات القضائيـة وفقـاً للبنـود المذكـورة بمرسـوم يتخـذ بنـاءً علـى اقتـراح وزيـرالعـدل وتوقيـع المرسـوم هو شكلـي ولا يشكـل معاملـة جوهريـة بعـد تعديـل الدستـور سنـة 1990.

هـذا والمرسـوم وقعتـه وزيـرة العـدل وزيـرة الدفـاع ووزيـر الماليـة ورئيـس الحكومـة وأرسـل إلى فخامـة الرئيـس للتوقيـع الـذي رفـض التوقيـع عليـه متذرعـاً بصلاحيـة لـم تمنـح لـه قانونـاً وإن وجـدت فهي صلاحيـة مقيـدة وغيـر استنسابيـة علـى الإطـلاق.

إن المديـر العـام في البيـان يقـول مـا حرفيتـه:
“بمعـرض إمتنـاع فخامـة رئيـس الجمهوريـة عن توقيـع أي مرسـوم عـادي يخضـع إصـداره “بتوقيعـه الى تقديـر المطلـق عمـلاً بأحكـام الدستـور فهـل سلطتـه إستنسابيـة أم مقيـد ومـا هـو “الفـرق.

بيـن السلطـة الإستنسابيـة والسلطـة المقيـدة

إن مفهـوم السلطـة الإستنسابيـة (أو الصلاحيـة الإستنسابيـة) يناقـض مفهـوم السلطـة المقيـّدة (أو الصلاحيـة المقيـدة) (La compétence Liée ).

فطاقـة الإدارة علـى التقريـر ليسـت دائمـاً واحـدة، فأحيانـاً تطلـق يـد الحكـام في ممارسـة صلاحياتهـم، وأخـرى تقيـّد في حـدود الإطـار المعيـن لهـا.

1. فالسلطـة تكـون إستنسابيـة عندمـا يكـون المرجـع الصالـح لممارستهـا حـراً في اتخـاذ هـذا القـرار أو ذاك، فيعمـل في كـل ظـرف بحسـب تقديـره لـه ويقـرر بشأنـه مـا يستحسـن.

2. وتكـون السلطـة بالعكـس مقيـّدة، عندمـا يفـرض القانـون علـى المرجـع الإداري المختـص اتخـاذ تدبيـر معيـن واتبـاع مسلـك لا يستطيـع أن يحيـد عنـه قـط.

– شـورى فرنسـا 8 ايلـول 1997، فريـون Vriotte، داللـوز 1997، IR، ص 211، و 22 آذار 1999، كيمـار Quémar DA 1999، نمـرة 136.

مثـلاً: يحـدد القانـون شـروط الحصـول علـى رخصـة الصيـد، فـإذا تقـدم أحدهـم ممـن توفـر فيهـم هـذه الشـروط، بطلـب للحصـول علـى هـذه الرخصـة، فإن الإدارة ملزمـة بإجابـة طلبـه وهي لا تملـك هنـا أي مجـال للتقديـر والاستنسـاب.
– شـورى فرنسـا 13 تشرين الثانـي 1946، ليتنـدار Létendart، مجموعـة 1946، ص 268.

يتضـح ممـا تقـدم أن الأمـر يتعلـق بموضـوع القـرار L’objet de l’acte وبعبـارة أوضـح بالرابطـة بيـن هـذا الموضـوع والدوافـع les motifs الداعيـة لـه.

ففي حالـة السلطـة المقيـدة، يقـال لمتولـي السلطـة: لا يمكنـك أن تتخـذ هـذا التدبيـر أو ذاك إلا إذا توفـرت الأسبـاب المحـددة لـك، حتـى إذا التأمـت تلـك الأسبـاب وكنـت أمـام الوضـع الناتـح عن التئامهـا، فـلا بـد لـك من التقيـد بمـا رسـم لـك. وهـذه القاعـدة تنطبـق علـى التشبيـه الـذي أطلقـه إميـل جيـرار علـى الإدارة المقيـدة صلاحيتهـا فقـال: إنهـا كالشخـص المولـج باستـلام بطاقـة الدخـول المرقمـة في صالـة الأوبـرا أو السينمـا وبإرشـاد صاحبهـا إلى مقعـده دون أن يكـون لـه حـق تغييـر المقعـد المرقـم علـى البطاقـة. وفي حالـة السلطـة الإستنسابيـة يقـال لـه: بوسعـك أن تقـدم أو لا تقـدم علـى هـذا العمـل، فقـدّر بنفسـك واستنسـب مـا تـراه صالحـاً لمواجهـة الموقـف.

– E. Girard: Etude sur la notion du pouvoir discrétionnaire revue générale d’adm. Mai-Juillet 1924.

أمـا في حالـة الصلاحيـة المقيـّدة فيكـون العمـل الإداري، نسبـة إلى موضوعـه، غيـر شرعـي إذا لـم يكـن متفقـاً مع الأحكـام القانونيـة الراعيـة لـه. وهنـا، بعكـس مـا ذكـره أعـلاه، تلعـب رقابـة القاضـي دوراً مهمـاً. فهـو يستقصـي مـدى تقيـّد المرجـع الإداري المختـص بالشـروط التـي حددهـا القانـون لصحـة اتخـاذ مثـل هـذا التدبيـر، وبعبـارة أوضـح، يتأكـد القاضـي من توفـر الأسبـاب والظـروف الواقعيـة التـي اشتـرط القانـون توفرهـا لاتخـاذ التدبيـرالمبحـوث فيـه، ومـا إذا كانـت الظـروف والوقائـع التـي استنـد إليهـا المرجـع المختـص تبـرر تدبيـره المذكـور. وقـد يتبـادر إلى الذهـن، هنـا، أن القاضـي إنمـا يراقـب ملاءمـة العمـل المتخـذ، ولكـن هـذا غيـر صحيـح: إنـه يراقـب شرعيـة العمـل باعتبـار أن القانـون جعـل من عناصـر الملاءمـة هنـا (وهي الظـروف والوقائـع الواجـب توفرهـا لصحـة اتخـاذ القـرار) شرطـاً أساسيـاً لشرعيتـه.

– تمييز لبناني عدد 57 تاريخ 14 آب 1952، ص 775

– شورى فرنسا 9 نيسان 1986، فوجيرو Faugeroux ، مجموعة ص 347

وعن مـدى السلطـة الإستنسابيـة والمقيـّدة

يقـول الأستـاذ بونـار :
“لا تحتمـل السلطـة الإستنسابيـة القليـل أو الكثيـر فهـي تكـون أو لا تكـون”.
– Bonnard, droit adminstratif p. 77

في التشكيـلات والمناقـلات القضائيـة
صلاحيـة رئيـس الجمهوريـة مقيـّدة وفقـاً لأحكـام الدستـور بعـد 21 اليـول 1990

قبـل القانـون الدستـوري الصـادر بتاريـخ 21/9/1990 الـذي عـدّل بعـض أحكـام الدستـور اللبنانـي الصـادر بتاريـخ 23/5/1926، كـان رئيـس الجمهوريـة اللبنانيـة هـو الرئيـس القانونـي والفعلـي للسلطـة الإجرائيـة، وكـان يتمتـع بالتالـي بصلاحيـات إداريـة تنفيذيـة واسعـة.

ولكـن القانـون الدستـوري للعـام 1990 المشـار إليـه، انتـزع منـه هـذه الصلاحيـات جملـة وتفصيـلاً وحوّلهـا الى مجلـس الـوزراء الـذي أنيطـت بـه السلطـة الإجرائيـة بكاملهـا.

لـذا، ولأن المقارنـة بيـن الحقيقتيـن والحالتيـن ترتـدي أهميـة كبـرى على الصعيـد القانونـي الدستـوري والإداري، لا سيمـا في ضـوء النظـام البرلمانـي الديمقراطـي الـذي اعتمـده لبنـان، لا بـد لنـا من استعـراض هـذه الصلاحيـات كمـا كانـت عليـه قبـل التعديـل الأخيـر، وكمـا أصبحـت عليـه بعـده.

قبـل التعديـل الدستـوري تاريـخ 21 أيلـول 1990

بمقتضـى أحكـام الدستـور اللبنانـي تاريـخ 23 أيـار 1926 المعـدل تباعـاً بالقوانيـن الدستوريـة الصـادرة بتاريـخ 17 تشريـن الأول 1927، و9 تشريـن الثانـي و7 كانـون الأول 1943، و21 كانـون الأول 1947، كانـت صلاحيـات رئيـس الجمهوريـة تشمـل:

نشـر القوانيـن وتأميـن تنفيذهـا، وذلـك عمـلاً بالمـادة 51 من الدستـور التـي تنـص على مـا يلـي: رئيـس الجمهوريـة ينشـر القوانيـن بعـد أن يكـون وافـق عليهـا، ويؤمـن تنفيذهـا بمـا لـه من السلطـة التنظيميـة.

ومن البديهـي القـول بـأن نشـر القوانيـن من قبـل رئيـس الجمهوريـة لا يمكـن أن يتـمّ إلا بموافقتـه عليهـا بعـد إحالتهـا عليـه من قبـل رئيـس المجلـس النيابـي. وبمجـرد النشـر تصبـح هـذه القوانيـن نافـذة، وعـدم النشـر يجردهـا من قـوة النفـاذ هـذه إذ أنَّ توقيـع القانـون من قبـل الرئيـس لا يكفـي وحـده لإعطائـه مثـل هـذه القـوة.

ولكـي يتأمـن تنفيـذ القوانيـن على الوجـه الأصـح والأحسـن خولـت المـادة 51 من الدستـور المذكـور رئيـس الجمهوريـة بوصفـه رئيسـاً للسلطـة الإجرائيـة، اتخـاذ تدابيـر نافـذة، لهـا صفـة عامـة وغيـر شخصيـة: إنهـا السلطـة التنظيميـة (Le pouvoir règlementaire) التـي بموجبهـا تصـدر الأنظمـة (Les règlements) .

السلطـة التنظيميـة المستقلـة (Pouvoir règlementaire autonome) وهـي التـي يمارسهـا رئيـس الجمهوريـة، بوصفـه رئيسـاً للسلطـة الإجرائيـة، بإصـداره مراسيـم عاديـة في مواضيـع لـم يعالجهـا أو لـم يتطـرق إليهـا المشتـرع وبالتالـي لـم يصـدر بصددهـا أي قانـون.

هـذه المراسيـم هـي عبـارة عن أنظمـة ضروريـة لتسييـر المرافـق العامـة إذ أنهـا تتضمـن حتمـاً القواعـد التـي لا بـد من وجودهـا لكـي تتأمـن ممارسـة المواطنيـن لحقوقهـم وحرياتهـم بانسجـام وضمـن الحـدود التـي يجـب أن تبقـى هـذه الممارسـة في إطارهـا.

إنطلاقـاً من هذيـن المفهوميـن للسلطـة الإجرائيـة، يمكـن القـول بـأن النظـام يقسـم الى قسميـن:

• نظـام مفـروض (règlement intimé) وهـو كـان لرئيـس الجمهوريـة أن يتّخـذه إنفـاذاً لرغبـة السلطـة التشريعيـة المعبـر عنهـا صراحـة في القانـون، وذلـك عندمـا يكلـف المشتـرع السلطـة التنفيذيـة باتخـاذ التدابيـر اللازمـة لتنفيـذ القانـون المعنـي، مع تحديـد مهلـة في بعـض الأحيـان لإصـدار النظـام المطلـوب.

• ونظـام عفـوي (règlement spontané)، وهـو الـذي كـان لرئيـس الجمهوريـة أن يتخـذه بمبـادرة منـه إذا مـا تقاعسـت السلطـة التشريعيـة عن تأميـن تنفيـذ القانـون.

كمـا أن تـرؤس جلسـات مجلـس الـوزراء حيـث تطـرح على بسـاط البحـث شـؤون الإدارة ومشاكلهـا وتتخـذ بشأنهـا التدابيـر اللازمـة. هـذه التدابيـر تـرى النـور بشكـل مراسيـم تعطيهـا قـوة النفـاذ. ذلـك أن قـرارات مجلـس الـوزراء لا تتمتـع، بحـد ذاتهـا، بالقـوة التنفيذيـة مـا لـم تُصَـغْ بشكـل مراسيـم يوقعهـا رئيـس الجمهوريـة والـوزراء كـل ضمـن إختصـاص وزارتـه. ولا يُشـدّ عن هـذا المبـدأ إلا في حـال وجـود نـص تشريعـي صريـح يعطيهـا مثـل هـذه القـوة.

– وهنـا لا بـد من التمييـز بيـن مجلـس الـوزراء Conseil des ministres والمجلـس الـوزاري أو conseil ministériel الـذي يجمـع أعضـاء الحكومـة برئاسـة رئيـس الـوزراء.
– شـورى لبنـان 3 تمـوز 1959، فخـري، المجموعـة 1959، ص 141.

بعـد التعديـل الدستـوري تاريـخ 21 أيلـول 1990

بموجـب القانـون الدستـوري الصـادر بالتاريـخ المذكـور أعـلاه، أصبحـت السلطـة الإجرائيـة مناطة بمجلـس الـوزراء (المادتـان 17 و 65) بـدلاً من رئيـس الجمهوريـة الـذي انتزعـت منـه كـل الصلاحيـات التنظيميـة والإداريـة المذكـورة آنفـاً، وأعطـي صلاحيـات بروتوكوليـة ذات طابـع تمثيلـي فقـط (à caractère représentatif). فهـو مثـلاً:

لـم يعـد ينشـر القوانيـن ويؤمـن تنفيذهـا بمـا لـه من السلطـة التنظيميـة (مـادة 51 قديمـة)، بـل أصبـح يصـدر القوانيـن… ويطلـب نشرهـا… (المـادة 51 جديـدة)، وهـو بـات مرجعـاً غيـر مختـص فيمـا يتعلـق بتأميـن تنفيذهـا لأنـه لـم يعـد يتمتـع بأيـة سلطـة تنظيميـة، لا عاديـة ولا مستقلـة.

وهـو لـم يعـد رئيسـاً حكميـاً (de droit) لمجلـس الـوزراء، وإذا شـاء أن يترأسـه فـلا يتمتـع عندئـذ بأيـة صفـة فاعلـة دستوريـاً وقانونيـاً، إذ حـرّم عليـه النـص صراحـة أن يشـارك في التصويـت. (المـادة 53 فقـرة 1).

من هنـا، يكـون المبـدأ الـذي يميّـز بيـن مجلـس الـوزراء (Conseil des ministres) الـذي يكـون عـادة في الأنظمـة البرلمانيـة الديمقراطيـة برئاسـة رئيـس الجمهوريـة، والمجلـس الـوزاري (Conseil ministériel) الـذي يترأسـه عـادة في الأنظمـة المشـار إليهـا رئيـس الحكومـة، قـد فقـد عندنـا معنـاه. فلقـد بـات رئيـس الحكومـة رئيسـاً لكـلا المجلسيـن وهـو بالتحديـد – وكمـا أسمـاه الدستـور الجديـد – أصبـح الرئيـس الحكمـي لمجلـس الـوزراء في الشكـل والأسـاس.

وهـو لـم يعـد يولـي الموظفيـن المناصـب في الدولـة (المـادة 53 القديمـة) بـل أصبـح دوره مقتصـراً على توقيـع المراسيـم الخاصـة بذلـك متـى اقترنـت بموافقـة مجلـس الـوزراء الـذي بـات هـو المرجـع المختـص بالموضـوع (المـادة 56 الجديـدة)،

وكـان يمكـن أن يكـون لرئيـس الجمهوريـة، الى جانـب تأثيـره المعنـوي كرئيـس للدولـة على أعمـال مجلـس الـوزراء عندمـا يترأسـه، تأثيـر عملـي فاعـل من خـلال رقابتـه المباشـرة على مشاريـع المراسيـم التـي تحـال إليـه بكـل حـال ويجـب أن تصـدر عنـه لأنـه هـو الـذي يصدرهـا ويطلـب نشرهـا (المـادة 65)، ولكـن مثـل هـذا التأثيـر ليـس وارداً لأن الدستـور الـذي أولاه هـذه الصلاحيـة البديهيـة، استطـرد فقيّـده بمـا يقـرر مجلـس الـوزراء في حضـوره أو غيابـه. فالمـادة 65 ذاتهـا أعطـت الرئيـس صلاحيـة الطلـب الى مجلـس الـوزراء إعـادة النظـر في أي قـرار من القـرارات التـي يتخذهـا المجلـس خـلال خمسـة عشـر يومـاً من تاريـخ إيداعـه رئاسـة الجمهوريـة. ولكـن، يقـول النـص، إذا أصـر مجلـس الـوزراء على القـرار المتخـذ أو انقضـت المهلـة دون إصـدار المرسـوم أو إعادتـه، يعتبـر القـرار أو المرسـوم نافـذاً حكمـاً ووجـب نشـره.

في كـون وزيـرة العـدل التـي لهـا صلاحيـة التوقيـع وافقـت علـى التشكيـلات القضائيـة وأصبحـت نافـذة وملزمـة بحكـم قانـون القضـاء العدلـي.

وضـع المجلـس الفرنسـي بقراريـه المتخذيـن بقضيـة سيكـارد في 27/4/1962 وبقضيـة لوماريسيكيـه في 25/1/1963 الصيغـة التـي مـا يـزال يعتمدهـا لتحديـد الـوزارء المكلفيـن بالتنفيـذ الذيـن يشاركـون في التوقيـع على المراسيـم الصـادرة عن الوزيـر الأول بأنهـم أولئـك الذيـن لهـم الصلاحيـة في التوقيـع أو المشاركـة في توقيـع التدابيـر التنظيميـة أو الفرديـة لتنفيـذ المرسـوم موضـوع البحـث.

– C.E. Ass. 27.4.1962 Sicard et autres, rec 279; C.E. 25.1.1963 Le maresquier, s. 1963, 221, concl. Kahn

Les ministres chargés de l’exécution sont ceux qui ont compétence pour signer ou contresigner les mesures réglementaires ou individuelles que comportent nécessairement l’exécution de ces actes.

أمـا الوزيـر المسـؤول للمشاركـة في التوقيـع على المراسيـم الصـادرة عن رئيـس الجمهوريـة؛ فهـو وفـق التحديـد الـذي اعتمـده المجلـس الفرنسـي بنـاءً علـى مطالعـة مفـوض الحكومـة Galabert في قـراره بقضيـة بيلـون في 10/6/1966 والـذي مـا يـزال يعتمـده في اجتهـاده المستمـر؛ فهـو الوزيـر الـذي يقـع عليـه بصفـة رئيسيـة تحضيـر القـرار وتطبيقـه.

– C.E. 10 JUIN 1966 Pelon et autres AJDA 1966, p. 492 concl. Galabert
Le ministre responsable est celui auquel incombe à titre principal la préparation et l’application de la décision.

إن المرسـوم هـو كيـان قانونـي متكامـل يجـب ان يصـدر وفقـاً للأصـول الجوهريـة التـي حددهـا الدستـور وإلا اعتبـر منعـدم الوجـود لصـدوره عن سلطـة غيـر صالحـة.

فالمرسـوم الـذي يصـدر بـدون توقيـع الوزيـر المختـص والـذي يقـع على عاتقـه بصـورة رئيسيـة تحضيـر المرسـوم والإشـراف علـى تطبيقـه ومتابعـة تنفيـذه:

Le ministre intéressé ou responsable est celui auquel incombe à titre principal la préparation et le contrôle de l’application de la décision.
– Conc. Galabert sur CE 10 juin 1966, Pelon et autres 1966 p. 492

Un décret du Chef de l’Etat n’est jamais rendu que l’affaire ou sur la proposition du ministre que l’affaire et le contreseing est naturellement de la compétence du ministre qui a préparé le rapport et qui sera chargé de suivre l’exécution.
– M. Hauriou, précis du droit constitutionnel 1929 p. 413

– مجلـس شـورى قـرار رقـم 267 تاريـخ 15/1/2002 م.ق.أ. – العـدد 17-2005

فتوقيـع وزيـرة العـدل المختصـة هي الطريقـة القانونيـة التـي فرضهـا القانـون الدستوريـة التـي بموجبهـا يتولـى الوزيـر إدارة مصالـح الدولـة وتطبيـق الأنظمـة والقوانيـن فيمـا يتعلـق بالأمـور العائـدة إلى إدارتـه وبمـا خـص بـه عندمـا يكـون من الواجـب إصـدار المرسـوم لأجـل ذلـك.

هـذا والمرسـوم الموقـع والمرفـوع من وزيـرة العـدل المختصـة ليـس أمـراً شكليـاً لازمـاً فحسـب بـل إنـه من المقومـات الجوهريـة لتكويـن المرسـوم الصـادر لتعلقـه بالصلاحيـة.

A. Calogéropoulos: Le contrôle de la légalité externe des actes administratifs unilatéraux.
In Bibl Droit Public – Tome 145 – 1983.
p. 83: … L’absence ou l’irrégularité du contreseing est ainsi abordée par une référence expresse et directe au vice d’incompétence.

إن المخالفـة التـي تشـوب البيـان هـي على درجـة من الجسامـة بحيـث يستحيـل معهـا إسنـاده الى أي حكـم من أحكـام القانـون ممـا يجعلـه منعـدم الوجـود القانونـي وكأنـه لـم يكـن.

R. Chapus D.A.G. T. I 15ème edition.
1204: C’est à titre exceptionnel et en raison de la gravité des vices qui l’entachent, que la non-conformité d’un acte à la légalité se traduit par son inexistence juridique : il sera considéré, selon l’expression habituelle de la jurisprudence, comme nul et non avenu , et déclaré tel sur recours en déclaration d’inexistence ou sur recours pour excès de pouvoir que le juge assimilera au précédent.

– مجلـس شـورى الدولـة قـرار رقـم 93 تاريـخ 8/11/2006 م.ق.أ. العـدد 23 2012 – المجلـد الأول صفحـة 243

فالأسبـاب المدلـى بهـا في كتـاب المديـر العـام للقصـر الجمهوري المستنـد إلى توجيهـات فخامـة الرئيـس هي اعتـداء على مهـام وصلاحيـات عائـدة لمجلـس القضـاء ووزيـرة العـدل وهـو مـا استقـر كـل من العلـم والإجتهـاد على اعتبـار انـه يشكـل أحـد أوجـه مخالفـة قواعـد الصلاحيـة.

وبمـا أن حصيلـة مـا توصـل إليـه العلـم والإجتهـاد حـول هـذه المسألـة مفصلـة كمـا يلـي:

Auby et Drago: Traité des recours en matière administrative, Litec, Edition 1992, P. 352 :
L’usurpation des fonctions non administratives par les autorités administratives :

N° 214: ….. Cette situation concerne des actes qui émanent d’autorités administratives. L’irrégularité de ces actes réside en ce qu’ils ne rentraient pas dans la compétence de leurs auteurs; cependant, la particularité de cette situation consiste en ce que la compétence usurpée n’appartenait à aucune autorité administrative.

…. certaines de ces décisions n’entrent dans la compétence d’aucun sujet de droit et ne pouvaient être prises par quiconque (réf…); d’autres pourtant …. Relèvent de la compétence d’autorités publiques non administratives ou encore de personnes privées, sur laquelle l’administration a commis un empiétement.

N° 215: Empiètement sur les attributions des personnes privées:
Dans les hypothèses relativement exceptionnelles où une autorité administrative prend une décision qui incombait à une personne ou un organisme privé, la juridiction administrative prononce l’annulation de cet acte dans le cas où il peut être considéré comme faisant grief au requérant.

– قـرار مجلـس شـورى الدولـة رقـم 194 تاريـخ 19/1/2006 م.ق.أ. – 2011 المجلـد الأول صفحـة 386.

هكـذا التشكيـلات القضائيـة أصبحـت نافـذة، وبيـان المديـر العـام للقصـر الجمهـوري الرئاسـة فاقـد كـل أسـاس قانونـي، كـل شرعيـة داخليـة أو خارجيـة ومخالـف لقواعـد الصلاحيـة، ومخالـف لأحكـام السلطـة المقيـدة ومخالـف لأحكـام الدستـور، وللفقـرة هـ من مقدمـة الدستـور ولأحكـام القانـون ويعيـق سيـر المرفـق العـام القضائـي.

المطلـوب ألا نعـود في الزمـن إلى الـوراء أي إلى مـا قبـل 21 ايلـول 1990 ومـا دفـع اللبنانـي والإفـراج عن التشكيـلات القضائيـة رحمـة بالنـاس في هـذه الظـروف المأساويـة. واستمـراراً للمرفـق العـام القضائـي.

في النتيجـة وفي ضـوء كـل مـا تقـدم لا بـد أن نشيـر وبحـق إلى التبايـن الموجـود بيـن مبـدأ إلزاميـة أحكـام الدستـور وبيـن النظريـات الاجتهاديـة المبالـغ فيهـا، وبيـن الضمانـات الحقيقيـة والواقعيـة التـي يوفرهـا التطبيـق العملـي للمواطنيـن. فبينمـا النظريـات لا تتحـدث إلا عـن صـورة زاهيـة برّاقـة لدولـة مثاليـة لا سيـادة في مجتمعهـا إلا للقانـون. يتبيـن أن تصـرف المسـؤول مغايـر لذلـك.

فالتصـرف على الرعيـة منـوط بالمصلحـة العامـة

وهـذه القاعـدة ترسـم حـدود الإدارة العامـة والسياسـة الشرعيـة في سلطـان الحكومـة وتصرفاتهـم على الرعيـة، فتفيـد أن أعمـال السلطـة – من رئيسهـا إلى أدنـى عامـل فيهـا – يجـب أن تبنـى علـى مصلحـة الجماعـة وتهـدف إلـى خيرهـا.

ذلـك لأن السلطـة بمـن فيهـا ليسـوا عمـالاً لأنفسهـم، وإنمـا هـم وكـلاء عن الأمـة في القيـام بأصلـح التدابيـر لإقامـة العـدل، ودفـع الظلـم، وصيانـة الحقـوق والأخـلاق، وضبـط الأمـن، ونشـر العلـم، وتسهيـل المرافـق العامـة، وتطهيـر المجتمـع من الفسـاد، وتحقيـق خيـر الأمـة سـواء في حاضرهـا أو مستقبلهـا بأفضـل الطـرق والسبـل ممـا يعبـر عنـه بالمصلحـة العامـة.

فكـل عمـل أو تصـرّف عن الحكـام وأعوانهـم في السلطـة خـارج الدستـور وعلى خـلاف المصلحـة، ممـا يقصـد بـه اسئثـار واستبـداد أو يـؤدي إلى ضـرر أو فسـاد، هـو غيـر جائـز.

إن البيـان الـذي ورد في ثمانـي صفحـات يذكرنا بقـول للعلامـة الفرنسـي Capitant:
عندمـا يستطـرد القاضـي في حكمـه دليـل علـى أنـه غيـر مقتنـع بمـا قضـى بـه.
وختامـاً :
“إن حكـم القانـون هـو أمـر أساسـي في النظـام الديمقراطـي الغربـي. قـال أرسطـو منـذ أكثـر من “ألفـي سنـة: حكـم القانـون أفضـل من حكـم الفـرد، أيـاً كـان.

“رئيـس المحكمـة العليـا لـورد كـوك قـال مقتبسـاً براكتـون في إعـلان 1610: إن المـك نفسـه “يجـب أن لا يكـون خاضعـاً لإنسـان، ولكـن أن يكـون خاضعـاً للله وللقانـون، لأن القانـون يجعلـه “ملكـاً.

والعهـد الـذي كتبـه الإمـام علـي للاشتـر النخعـي واليـه على مصـر.

ورد في نهـج البلاغـه – منشـورات مؤسسـة الأعلـى للمطبوعـات بيـروت – ص 82.

وإنـه ليـس على الحاكـم أن يخـص نفسـه بشـيء يزيـد بـه عـن النـاس ممـا يجـب فيـه المسـاواة في الحقـوق: وإيـاك و الإسئثـار بمـا النـاس فيـه أسـوة …

الى أي مـدى سينتصـر المفهـوم عينـه علـى مفاهيـم أخـرى تقـدم مصلحـة المجتمـع على مصلحـة الإنسـان الفـرد، ودواعـي النظـام على دواعـي الحريـة.

المصدر: اللبنانية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى