لبنان

ما الذي يجمع أبو سلة وحزب الله وفلاديمير بوتين؟

جاء في المدن:

من بين الصور الأكثر تداولاً، السبت، في مواقع التواصل الاجتماعي، صورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقد كتبت تحتها عبارة “أصدقاء أبو علي بوتين”، مختومة بـ”تقدمة أبو سلة” ويعلوها علم “حزب الله”.

مثير للسخرية كيف أن تاجر مخدرات، هارباً من وجه العدالة ولا يجرؤ على مغادرة حي الشراونة في بعلبك، يضع نفسه في مستوى أصدقاء دولة عظمى، مثلما هي ملفتة الصورة التي يرسمها فلاديمير بوتين لنفسه، العالقة في روؤس مريديه، وهذا التشابه المجازي بين متمرد على العدالة اللبنانية ومتمرد على العدالة الدولية.

بين تمرد أبو سلة اللبناني وفلاديمير بوتين الروسي، يقع شعار حزب الله أعلى الصورة، ليشكل تتمة المشهد. فالحزب بدوره لديه الكثير مما يجمعه مع شخص أبو سلة: التمرد على القوانين اللبنانية والعدالة اللبنانية، إلى جانب أنه فار من وجه العدالة، حيث استطاع الحزب عبر عقود من الزمن، الفرار من أي تهمة توجه له وعدم تسليم أي من عناصره للتحقيق، سواء في مقتل لقمان سليم، أو في عمليات الإغتيال العديدة منذ العام 2005 وحتى اتفاق الدوحة العام 2008.

على أن ما يجمع الثلاثة معاً أكبر بكثير مما يظهر. فخلال تشييع علي فادي زعيتر في الليلكي في ضاحية بيروت الجنوبية، والذي قتل أثناء اشتباكه مع الجيش اللبناني في محاولته الهرب، كان لافتاً من بين مئات المسلحين المنتشرين في الطرقات وإطلاق النار والهتافات، حضور العلم الأميركي المفروش على سقف إحدى السيارات بشكل بارز لتوجيه رسالة واضحة للحزب مفادها أنه في حال رفع الغطاء السياسي عنا، نحن الخارجين عن القانون، فإن ولاءنا وانتماءنا قابل لأن يتغير.

بالطبع لا تستطيع عصابة صغيرة أن تعلن ولاءها للولايات المتحدة الأميركية. المشهد ساخر، بقدر مشهد أبو سلة رافعاً صورة بوتين وواضعاً نفسه في مصاف أصدقائه. لكن هذه العصابة، أو العشيرة، تستطيع أن تصوت ضد حزب الله في الانتخابات المقبلة، أو أن تشكل قلقاً لراحته في بيئته الحاضنة.

والحال أن العلاقة بين حزب الله وبين عشائر البقاع هي علاقة مصالح مشتركة، فلهذه العشائر سطوتها وتأثيرها في شبابها، ولا يستطيع الحزب السيطرة على البيئة العشائرية من دون رضا رؤساء العشائر. فلا بأس بالكف عن ملاحقة مطلوب، أو تمرير مخالفة هنا أو هناك، مقابل مزيد من النفوذ بين أبناء العشيرة. كما أن هذه العشائر تسيطر على المناطق المحاذية للحدود السورية، مع كل ما تملكه من أهمية للتهريب ونقل الأسلحة، ولا يناسب “حزب الله” أن تتوتر علاقته بهم، إلى جانب تجار المخدرات والأسلحة الذين تتواتر أخبار عديدة عن استفادة الحزب منهم ومشاركتهم في التجارة، سواء على مستوى القيادة، أو على المستوى الفردي حيث يستفيد العديد من المسؤولين في الحزب من صفقات الاتجار بالمخدرات وبيع السلاح.

في ضوء ذلك، تصبح صورة أبو علي بوتين – تقدمة أبو سلة، ممهورة بشعار حزب الله، منطقية جداً، مفهومة وواضحة. علاقة مصالح بين ثلاثة فارين من وجه العدالة، ثلاثة متمردين، بغض النظر عن حجم كل منهم وأهدافه وتطلعاته، إلا أن المضمون واحد وتحدده كلمة “التمرد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى